فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٦٣
وتم فلذلك كان جمع من الشيوخ يتحرون ابتداء الجلوس للتدريس فيه وذلك لأن العلم نور فبدايته يوم خلق النور فيه تناسب معنى على التمام، واستحب بعضهم غرس الأشجار فيه لخبر ابن حبان والديلمي عن جابر مرفوعا: " من غرس يوم الأربعاء فقال: سبحان الباعث الوارث أتته بأكلها " قالوا: ولما أرسل ملك الروم كتابه إلى المعتصم يتهدده كتب على ظهر الجواب ما تراه لا ما تسمعه وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار وقام فخرج من فوره في وقته يوم الأربعاء ولم يدخل بيته فمنعه المنجمون وقالوا: الطالع نحس فقال: عليهم لا علينا وسار فيه فأسر ستين ألفا وقتل ستين ألفا وكانت وقعة أعز الله فيها الإسلام وأهله: قال الحافظ ابن حجر: غضب السلطان على الكمال البارزي كاتم السر ثم رضي عنه وخلع عليه يوم الأربعاء رابع عشر ربيع الأول سنة أربع وأربعين وثمانمائة وركب في موكب لم ير مثله فاجتمع فيه خمس أربعات والثمانمائة تشتمل على أربعمائتين انتهى. واعلم أنهم كما كانوا ينفرون من يوم الأربعاء كانوا ينفرون من يوم الأحد. قال الزمخشري:
صبح ثمود العذاب يوم الأحد. قال: وفي الأثر نعوذ بالله من يوم الأحد فإن له حدا كحد السيف.
وكتب يزيد إلى عبيد الله بن زياد أن يوجه عبد الله بن حازم إلى خراسان لمعونة مسلم بن زياد فقال عبيد الله أخرجوه يوم الأحد إذا ضرب الناقوس حتى لا يرجع للأبد فأحس ابن حازم فتعلل حتى لم يخرج إلا حتى زاغت الشمس. وقال: قولوا له ذهب حد الأحد، وكما ورد في يوم الأربعاء النحوسة ورد في الثلاثاء أنه مكروه ففي الفردوس من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: " خلق الله الأمراض يوم الثلاثاء. وفيه أنزل إبليس إلى الأرض، وفيه خلق الله جهنم، وفيه سلط الله ملك الموت على أرواح بني آدم، وفيه قتل قابيل هابيل، وفيه توفي موسى وهارون، وفيه ابتلي أيوب " الحديث بطوله وفي ترجمة العلم للبلقيني عن بعضهم أن من المجرب الذي لم يخطئ قط أنه متى كان اليوم الرابع عشر من الشهر القمري يوم الأحد وفعل فيه شئ لم يتم وكذا للسفر وغيره وأن ذلك وقع للناصر فرج وغيره. وقد أخر بعضهم السفر في أول السنة وقال إن سافرت في المحرم فجدير أن أحرم أو في صفر خشيت على يدي أن تصفر فأخره إلى ربيع فسافر فمرض ولم يظفر بطائل فقال ظننته ربيع الرياض فإذا هو ربيع الأمراض وفي المثل السائر: " لا تعادي الأيام فتعاديك " قال:
ومن غالب الأيام فاعلم بأنه سينكص عنها لاهيا غير غالب (فائدة) وقفت على أبيات بخط الحافظ الدمياطي وقال إنها تعزى لعلي رضي الله تعالى عنه وهي:
فنعم اليوم السبت حقا * لصيد إن أردت بلا امتراء وفي الأحد البناء لأن فيه * تبدى الله في خلق السماء وفي الاثنين إن سافرت فيه * سترجع بالنجاح وبالثراء وإن ترد الحجامة في الثلاثا * ففي ساعاته هرق الدماء وإن شرب امرئ يوما دواء * فنعم اليوم يوم الأربعاء وفي يوم الخميس قضاء حاج * فإن الله يأذن بالقضاء
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة