جيش إلى المدينة فقتل من فيها من بقايا المهاجرين والأنصار وخيار التابعين وهم ألف وسبعمائة ومن الأخلاط عشرة آلاف. قال السمهودي: قال القرطبي وجالت الخيل في المسجد النبوي وبالت وراثت بين القبر والمنبر وخلت المدينة من أهلها وبقيت ثمارها للعوافي انتهى. وذكر نحوه ابن حزم والخر السقوط يقال خر سقط سقوطا يسمع منه خرير ذكره الراغب وغيره. فإن قلت: هل لإيثاره " خر " على سقط من فائدة؟ قلت: أجل وهي التنبيه على اجتماع أمرين السقوط وحصول الصوت منه إشارة إلى أن فراق روحيهما لبدنيهما بعنف وشدة وسرعة خطفة من أثر تلك الصعقة التي لم تأت على مخلوق إلا جعلته كالرميم ونظيره قوله تعالى: * (يخرون للأذقان سجدا) * والوجه مجتمع حواس ا لحيوان وأحسن ما في الإنسان وموقع الفتنة من الشئ الفتان وهو أول ما يحاول ابتداؤه من الأشياء ذكره الحراني. فإن قلت: المناسب لقوله " خرا " وما قبله تثنية الوجه فما وجه جمعه؟ قلت: لعله أراد بالوجوه مقدم الأعضاء المقدمة فكل عضو له وجه وظهر فالسقوط يكون على كل مقدم من الأعضاء والوجه كما يراد به ما هو المتبادر يطلق ويراد به أشرف ما ظهر من الإنسان أو غيره كما تقرر (ك) في الفتن (عن أبي هريرة) وقال: على شرطهما وأقره الذهبي لكن رمز المؤلف لحسنه فقط وهو قطعة من حديث رواه الشيخان لفظ برواية البخاري: " ستكون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي وآخر من يحشر " إلى آخر ما هنا بنصه وقال القسطلاني وغيره: وقوله " وآخر " إلى آخره يحتمل كونه حديثا غير الأول لا تعلق له به وكونه من بقيته انتهى وسواء كان كلا أو بعضا فهو في الصحيح فاستدراك الحاكم له غير قويم كرمز المؤلف لحسنه فقط.
6 - (آخر ما أدرك الناس) من النوس وهو التحرك أو الأنس لأن بعضهم يأنس ببعض. قال ابن الكمال: والإدراك إحاطة الشئ بكماله " والناس " بالرفع في جميع الطرق كما في الفتح قال ويجوز نصبه أي مما بلغ الناس (من كلام النبوة الأولى) أي مما اتفق عليه الأنبياء لأنه جاء في زمن النبوة الأولى وهي عهد آدم واستمر إلى شرعنا إلى آخر ما وجدوا مأمورا به في زمن النبوة الأولى إلى أن أدركناه في شرعنا ولم ينسخ في ملة من الملل بل ما من نبي إلا وقد ندب إليه وحث عليه ولم يبدل فيما بدل من شرائعهم ففائدة إضافة الكلام إلى النبوة الأولى الإشعار بأن ذلك من نتائج الوحي ثم تطابقت عليه العقول وتلقته جميع الأمم بالقبول. ذكره جمع. وقال القاضي: معناه أن مما بقي فأدركوه من كلام الأنبياء المتقدمين أن الحياء هو المانع من اقتراف القبائح والاشتغال بمنهيات الشرع ومستهجنات العقل وذلك أمر قد علم صوابه وظهر فضله واتفقت الشرائع والعقول على حسنه وما هذه صفته لم يجر عليه النسخ والتبديل وقيد النبوة الأولى إيذانا باتفاق كلمة الأنبياء على استحسانه من أولهم إلى آخرهم (إذا لم تستح) أيها الإنسان وهو بمثناة تحتية واحدة آخره (فاصنع ما شئت) أمر بمعنى الخبر أي إذا لم تخش من العار عملت ما شئت لم يردعك عن مواقعة المحرمات رادع وسيكافئك الله على فعلك ويجازيك على عدم مبالاتك بما حرمه عليك. وهذا توبيخ شديد فإن من لم يعظم ربه ليس من الإيمان في شئ أو هو للتهديد من قبيل: " اعملوا ما شئتم " أي اصنع ما شئت فسوف ترى غيه كأنه يقول إذ