فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٦١١
952 - (ارقى) خطابا بالمؤنث، وهي دايته الشفاء، فالحكم عام، أي لا حرج عليك في الرقيا لشئ من العوارض: كلدغ عقرب بأي نوع من الرقى التي اعتيدت في الجاهلية (ما لم يكن شرك بالله) أي ما لم تشتمل الرقيا على ما فيه شئ من أنواع الكفر كالشرك أو ما يومئ إلى ذلك، فإنها حينئذ محظورة ممنوعة، وكذا إن اشتملت على لفظ جهلنا معناه (ك) وكذا الطبراني (عن الشفاء) داية النبي صلى الله عليه وسلم (بنت عبد الله) بن عبد شمس العدوية من المهاجرات الأول وإسناده صحيح.
953 - (اركبوا هذه الدواب سالمة) أي خالصة عن الكد والإتعاب (واتدعوها سالمة) ولفظ رواية الطبراني بدله ودعوها أي اتركوها ورفهوا عنها إذا لم تحتاجوا إلى ركوبها، وهو افتعل من ودع بالضم وداعة: أي سكن وترفه، وابتدع على القلب فهو مبتدع، أي صاحب بدعة، أو من ودع إذا ترك يقال إيدع وابتدع على القلب، والإدغام والإظهار ذكره ابن الأثير (ولا تتخذوها كراسي) وفي رواية: منابر (لأحاديثكم في الطرق والأسواق) أي لا تجلسوا على ظهورها ليتحدث كل منكم مع صاحبه وهي موقوفة، كجلوسكم على الكراسي للتحدث. والمنهي عنه الوقوف الطويل لغير حاجة، فيجوز حال القتال والوقوف بعرفة ونحو ذلك. وعلل النهي عن ذلك بقوله (فرب) دابة (مركوبة خير من راكبها) عند الله تعالى (وأكثر ذكرا لله منه) فيه أن الدواب منها ما هو صالح ومنها ما هو طالح:
وأنها تذكر الله تعالى * (وإن من شئ إلا يسبح بحمده) * وأن بعضها أفضل من بعض الآدميين، ولا ينافيه * (ولقد كرمنا بني آدم) * لأنه في الجنس، والفقير المعذب في الدنيا إذا ختم له بالكفر أخس من الدابة فإنه أشقى الأشقياء كما في الخبر (حم) بأسانيد عديدة (ع طب ك عن معاذ) بضم الميم (ابن أنس) قال مر النبي صلى الله عليه وسلم على قوم وهم وقوف على دواب لهم ورواحل فذكره. قال الهيتمي: أحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سهل بن معاذ وثقه ابن حبان وفيه ضعف اه‍. وقال الذهبي في المهذب: فيه سهل وفيه لين. وفيه إشعار بطلب الذكر للراكب. وقد ذكر أهل الحقيقة أنه يخفف الثقل عن الدابة فإن أخلص الذاكر ودوام على الذكر لم تحس الدابة بثقل أصلا.
وقد أخبروا بذلك عن تجربة. وبعضهم كلمته الدابة وأخبرته بذلك وهذا من كرامات الأولياء التي لا ينكرها إلا محروم.
954 - (اركعوا) ندبا (هاتين الركعتين في بيوتكم) أي صلوها في منازلكم لا في المسجد. لأن صلاتهما في البيت أبعد عن الرياء، ثم بينهما بقوله (السبحة) بضم السين وسكون الموحدة (بعد المغرب) أي النافلة بعد المغرب، سميت النافلة سبحة لاشتمالها على التسبيح، واتفقوا على ندب
(٦١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 606 607 608 609 610 611 612 613 614 615 616 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة