فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٦٠٩
947 - (ارفع إزارك) أي شمره عن الإسبال (فإنه) أي الرفع (أنقى لثوبك) بالنون من النقاء أي أنزه له عن القاذورات وروي بموحدة تحتية من النقاء أي أكثر بقاءا ودواما له (وأتقى) بمثناة فوقية (لربك) أي أقرب إلى سلوك التقوى أو أوفق للتقوى لبعده عن الكبر والخيلاء، ثم إن ما تقرر في هذا الخبر وما قبله من أن الرفع والإزار حقيقة هو ما عليه المحدثون والفقهاء وقال أهل الحقيقة رفع الثوب وتطهيره كناية عن طهارة النفس من الدنس والأغيار قال الشاذلي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر يقول يا علي طهر ثيابك من الدنس تحظ بمدد الله في كل نفس قلت وما ثيابي يا رسول الله؟
قال قد خلع عليك خمس خلع خلعة المحبة وخلعة المعرفة وخلعة التوحيد وخلعة الإيمان وخلعة الإسلام فمن أحب الله هان عليه كل شئ ففهمت حينئذ قوله * (وثيابك فطهر) * (ابن سعد) في الطبقات (حم هب عن الأشعث) بفتح الهمزة وسكون المعجمة وبالمثلثة (ابن سليم) المحاربي بضم الميم (عن عمته عن عمها) رمز المصنف لصحته.
948 - (ارفع) أيها الباني (البنيان إلى السماء) يعني إلى جهة العلو والصعود، ولم يرد المظلة كقوله في الجبل طويل في السماء يريد ارتفاعه وشموخه ذكره الزمخشري ثم إن ما تقرر من كون الحديث ارفع البنيان هو ما في خط المصنف لكن لفظ رواية الطبراني فيما وقفت عليه من نسخ المعجم ارفع يديك إلى السماء (واسأل الله السعة) أي اطلب منه أن يوسع عليك. وزعم حجة الإسلام أن المراد بالسماء هنا الجنة وأنت خبير بمنافرته للسياق وفيه إلماح بكراهة ضيق المنزل ومن ثم قال الحكيم:
المنازل الضيقة العمى الأصغر، لكن لا يبالغ في السعة بل يقتصر على ما لا بد منه مما يليق به وبعياله، لخبر: كل بناء وبال على صاحبه يوم القيامة إلا ما لا بد منه (طب عن) سيف الله أبي سليمان (خالد بن الوليد) قال شكيت إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الضيق في المسكن فذكره. قال الهيتمي ورواه الطبراني بإسنادين أحدهما حسن اه‍ وبه تعرف أن رمز المصنف لضعفه غير سديد. نعم قال العراقي في سنده لين وكان كلامه في الطريق الثاني.
949 - (ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين) أي كفوها عن الوقيعة في أعراضهم. والرفع في الأجسام حقيقة في الحركة والانتقال، وفي المعاني محمول على ما يقتضيه المقام (وإذا مات أحد منهم فقولوا فيه خيرا) يعني لا تذكروه إلا بخير وكفوا عن مساوئه فإن غيبة الميت أشد من غيبة الحي. نعم إن ترتب على ذكره بسوء مصلحة كالتحذير من بدعته جاز، بل قد يجب كما مر (طب عن سهل بن سعد) الساعدي، قال: لما قدم النبي صلى الله عليه سلم من حجة الوداع صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس
(٦٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 604 605 606 607 608 609 610 611 612 613 614 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة