فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥٦٨
862 - (إذا مر أحدكم في مسجدنا) أيها المسلمون فالمراد جميع مساجد الإسلام لا مسجده عليه السلام (أو في سوقنا) تنويع من الشارع لا شك من الراوي أي مسجد المسلمين أو سوقهم فأضاف إلى الضمير إيذانا بالشرف (ومعه نبل) بفتح فسكون سهام عربية وهي مؤنثة (فليمسك) بضم أوله أي المار (على نصالها) جمع نصل حديدة السهم وعداه بعلى للمبالغة (بكفه) متعلق بقوله يمسك (لا يعقر) بمثناة تحتية بخط المصنف بالرفع استئنافا وبالجزم جواب الأمر أي لئلا يجرح (مسلما) أو غيره كذمي أو حيوان محترم وإنما خص المسلم اهتماما بشأنه وقيل أراد بالكف اليد أي لا يعقر بيده أي باختياره مسلما أو المراد كف النفس أي لا يعقر بكفه نفسه عن إمساكها أي لا يجرح بسبب تركه إمساك نصالها مسلما. وليس المراد خصوص شئ من ذلك بل أن لا يصيب معصوما بأذى بوجه كما دل عليه التعليل وفي رواية البخاري، فليقبض بكفه أن يصيب أحدا من المسلمين منها شئ، وفي رواية لمسلم:
لئلا يصيب به أحدا من المسلمين وفيه تحريم قتال المسلم وقتله وتغليظ الأمر فيه وحجة للقول بسد الذرائع، وإشارة إلى تعظيم قليل الذنب وكثيره وتأكيد حرمة المسلم وجواز إدخال المسجد السلاح، وفي أوسط الطبراني: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تقليد السلاح في المسجد والمعنى فيه ما مر ومحل النهي عن ذلك إن كان النصل غير مغمود ولا ينافي الحديث لعب الحبشة بالحراب في المسجد لأن التحفظ في صورة اللعب بالحراب يسهل بخلا ف مجرد المرور فقد يقع بغتة فلا يتحفظ (ق ده عن أبي موسى) الأشعري.
863 - (إذا مر رجال بقوم) أي بجماعة (فسلم رجل) أهل لابتداء السلام (من الذين مروا على الجلوس) أي على من لقوهم والجلوس غالبي (ورد من هؤلاء واحد) أهل للرد (أجزأ) البادئ (عن هؤلاء) المارين (و) أجزأ الراد (عن هؤلاء) الجالسين لأن ابتداء السلام من الجماعة سنة كفاية والجواب من الجماعة فرض كفاية. قال ابن بطال: اتفقوا على أن المبتدئ لا يشترط تكريره السلام بعدد من سلم عليهم وأنه لا يجب الرد على كل فرد. قال القاضي حسين: ولا يجب رد السلام على من سلم عند قيامه من المجلس إذا كان سلم حين دخل وخالفه المستظهري فقال: السلام عند الانصراف سنة قال النووي وهو الصواب (حل عن أبي سعيد) الخدري ثم قال غريب.
864 - (إذا مرض العبد) المسلم أي عرض لبدنه ما أخرجه عن الاعتدال الخاص به فأوجب الخلل في أفعاله ويستعمل مجازا في الأعراض النفسانية التي تخل بكمالها كجهل وسوء عقيدة وحسد لأنها مانعة من الفضائل مؤدية إلى زرال الحياة الحقيقية الأبدية والمراد هنا الحقيقية: أي إذا مرض المؤمن
(٥٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 563 564 565 566 567 568 569 570 571 572 573 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة