فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٣٨٥
تركها إبقاءها للشيطان لأنه تضييع للنعمة وازدراء بها وتخلق بأخلاق المترفين، والمانع من تناول تلك اللقمة غالبا إنما هو الكبر وذلك من عمل الشيطان كذا قرره بعض الأعيان فرارا من نسبة حقيقة الأكل إلى الشيطان وحمله بعضهم على الحقيقة وانتصر له ابن العربي فقال: من نفى عن الجن الأكل والشرب فقد وقع في حبالة إلحاد وعدم رشاد بل الشيطان وجميع الجان يأكلون ويشربون وينكحون ويولد لهم ويموتون وذلك جائز عقلا ورد به الشرع وتظاهرت به الأخبار فلا يخرج عن المضمار إلا حمار. ومن رعم أن أكلهم شم فما شم رائحة العلم. قال: وقوله ولا يدعها للشيطان دليل على أنه لم يسم أولا ولذلك اختطفها منه. قال العراقي: وفيه نظر فإن ظاهر الحديث أن ما سقط من الطعام على الأرض أو ترك في الإناء يتناوله الشيطان سواء سمى على الطعام أم لا، قال: وقد حمل الجمهور الأمر بأكل اللقمة الساقطة بعد إماطة الأذى عنها على الندب والإرشاد وذهب أهل الظاهر على وجوبه. قال النووي: والمراد بالأذى المستقذر من نحو تراب وهذا إن لم تقع بمحل نجس وإلا فإن أمكن تطهيرها فعل وإلا أطعمها حيوانا ولا يدعها للشيطان (ت عن جابر) قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث ثم ذكره قال الترمذي حسن صحيح فاقتصار المؤلف رحمه الله على الرمز لحسنه تقصير.
484 - (إذا أكلتم الطعام) أي أردتم أكله (فاخلعوا نعالكم) انزعوها من أرجلكم مبتدئين باليسار ندبا كما يأتي في خبر وعلله بقوله (فإنه) أي الخلع المفهوم من فاخلعوا (أروح لأقدامكم) أي أكثر راحة لها وظاهره لا يطلب خلعها للشرب ولفظ رواية الحاكم كما رأيته في نسخة بخط الحافظ الذهبي أبدانكم بدل أقدامكم وتمام الحديث كما في الفردوس وغيره وأنها سنة جميلة وفيه تنبيه على علة مخالفة جفاة الأعراب وأهل البوادي، وأفاد بقوله أروح أن ذلك مطلوب وإن كانت القدم في راحة.
(طس) وأبو يعلى (ك عن أنس) قال الحاكم صحيح فشنع عليه الذهبي وقال أحسبه موضوعا وإسناده مظلم وموسى بن محمد أحد رجاله تركه الدارقطني وقال الهيتمي عقب عزوه لأبي يعلى والطبراني رجال الطبراني ثقات إلا أن عقبة بن خالد السكوتي لم أجد له عن محمد بن الحارث سماعا انتهى وقال في الكبير لأن تصحيحه متعقب.
485 - (إذا التقى) من اللقاء قال الراغب: وهو مقابلة الشئ ومصادفته معا وقد يعبر به عن كل منهما قال الإمام: اللقاء أن يستقبل الشئ قريبا منه (المسلمان بسيفيهما) فيضرب كل منهما الآخر قاصدا قتله عدوانا بغير تأويل سائغ ولا شبهة فالمراد أنهما التقيا يتقاتلان بآلة القتال سيفا أو غيره وإنما خص السيف لأنه أعظم آلاته وأكثرها استعمالا (فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل) بالفاء جواب إذا (والمقتول في النار) إذا كان قتالهما على عداوة دنيوية أو طلب ملك ونحوه ومعنى في النار أن حقهما أن
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة