صحة النقل عن أهل الحديث أنه كان أتقن الرواة عن مالك، نعم كان كثير اللزوم له، قال: والعجب من ترديد المعترض من الأجلية والأتقنية، وأبو منصور إنما عبر بأجل، ولا يشك أحد أن الشافع أجل من هؤلاء، لما اجتمع له من الصفات العلية الموجبة لتقديمه، وأيضا فزيادة إتقانه لا يشك فيها من له علم بأخبار الناس، فقد كان أكابر المحدثين يأتونه فيذاكرونه بأحاديث أشكلت عليهم، فيبين لهم ما أشكل، ويوقفهم على علل غامضة، فيقومون وهم يتعجبون، وهذا لا ينازع فيه إلا جاهل أو متغافل. قال: لكن إيراد كلام أبي منصور في هذا الفصل فيه نظر، لأن المراد بترجيح ترجمة مالك عن نافع عن ابن عمر على غيرها، إن كان المراد به ما وقع في الموطأ، فرواته فيه سواء من حيث الاشتراك في رواية تلك الأحاديث، ويتم ما عبر به أبو منصور من أن الشافعي أجلهم، وإن كان المراد به أعم من ذلك، فلا شك أن عند كثير من أصحاب مالك من حديثه خارج الموطأ ما ليس عند الشافعي، فالمقام على هذا مقام تأمل، وقد نوزع في أحمد بمثل ما نوزع في الشافعي من زيادة الممارسة والملازمة لغيره، كالربيع مثلا، ويجاب بمثل ما تقدم.
الثاني: ذكر المصنف تبعا لابن الصلاح في هذه المسألة خمسة أقوال، وبقي أقوال أخر. فقال حجاج بن الشاعر، أصح الأسانيد شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، يعني عن شيوخه. هذه عبارة شيخ الإسلام في نكته. وعبارة الحاكم: قال حجاج: اجتمع أحمد بن حنبل وابن معين وابن المديني في جماعة، فتذاكروا أجود الأسانيد، فقال رجل منهم: أجود الأسانيد شعبة عن قتادة عن سعيد عن عامر أخي أم سلمة عن أم سلمة، ثم نقل عن ابن معين وأحمد ما سبق عنهما. وقال ابن معين: عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة،