الشافعي برواية أبي حنيفة عن مالك، إن نظرنا إلى الجلالة، وبابن وهب والقعنبي إن نظرنا إلى الإتقان، قال البلقيني في " محاسن الاصطلاح " فأما أبو حنيفة، فهو وإن روى عن مالك كما ذكره الدارقطني، لكن لم تشتهر روايته عنه، كاشتهار رواية الشافعي، وأما القعنبي وابن وهب فأين تقع رتبتهما من رتبة الشافعي؟ وقال العراقي فيما رأيته بخطه:
رواية أبي حنيفة عن مالك فيما ذكره الدارقطني في غرائبه، وفي " المدبج " ليست من روايته عن ابن عمر، والمسألة مفروضة في ذلك، قال نعم: ذكر الخطيب حديثا كذلك في الرواية عن مالك.
وقال شيخ الإسلام: أما اعتراضه بأبي حنيفة، فلا يحسن، لأن أبا حنيفة لم تثبت روايته عن مالك، وإنما أوردها الدارقطني ثم الخطيب لروايتين وقعتا لهما عنه بإسنادين فيهما مقال، وأيضا فإن رواية أبي حنيفة عن مالك إنما هي فيما ذكره في المذاكرة، ولم يقصد الرواية عنه كالشافعي الذي لازمه مدة طويلة وقرأ عليه الموطأ بنفسه، وأما اعتراضه بابن وهب القعنبي، فقد قال الإمام أحمد: إنه سمع الموطأ من الشافعي بعد سماعه له من ابن مهدي الراوي عن مالك بكثرة، قال:
لأني رأيته فيه ثبتا، فعلل إعادته لسماعه، وتخصيصها بالشافعي بأمر يرجع إلى التثبت، ولا شك أن الشافعي أعلم بالحديث منهما، قال:
نعم، أطلق ابن المديني أن القعنبي أثبت الناس في الموطأ، والظاهر أن ذلك بالنسبة إلى الموجودين عند إطلاق تلك المقالة، فإن القعنبي عاش بعد الشافعي مدة، ويؤيد ذلك معارضة هذه المقالة بمثلها، فقد قال ابن معين مثل ذلك في عبد الله بن يوسف التنيسي قال: ويحتمل أن يكون وجه التقديم من جهة من سمع كثيرا من الموطأ من لفظ مالك، بناء على أن السماع من لفظ الشيخ أتقن من القراءة عليه، وأما ابن وهب فقد قال غير واحد: كأنه غير جيد التحمل، فيحتاج إلى