الفرقة السادسة الجبائية قالوا لا يقدر على عين فعل العبد بدليل التمانع وهو أنه لو أراد الله تعالى فعلا من أفعال العبد يوجد فيه وأراد العبد عدمه منه لزم إما وقوعهما فيجتمع النقيضان أو لا وقوعهما فيرتفع النقيضان أو وقوع أحدهما فلا قدرة للآخر على مراده والمقدر خلافه لا يقال يقع مقدور الله لأن قدرته أعم من قدرة العبد فلا يتصور بينهما مقاومة كما يتصور في قدرتي إلهين لأنا نقول معنى كون قدرته أعم تعلقها بغير هذا المقدور ولا أثر له في هذا المقدور فهما في هذا المقدور سواء فيتقاومان فيه والجواب إنه مبني على تأثير القدرة الحادثة وقد بينا بطلانه فراجع ما تقدم وعلى تقدير تأثيرها فتساويهما في هذا المقدور ممنوع بل الله تعالى أقدر عليه من العبد فتأثير قدرته فيه يمنع من تأثير قدرة العبد فيه ولا يلزم من ذلك انتفاء قدرته بالكلية نعم يثبت فيه نوع عجز وذلك ينافي الألوهية دون العبدية المقصد الثالث المتن في علمه تعالى وفيه بحثان البحث الأول في إثباته وهو متفق عليه بيننا وبين الحكماء وإنما نفاه شرذمة لا يعبأ بهم وسنذكره لكن المسلك مختلف أما المتكلمون فلهم مسلكان الأول أن فعله تعالى متقن وكل من فعله متقن فهو عالم أما الأول فظاهر لمن نظر في الآفاق والأنفس وتأمل ارتباط العلويات بالسفليات سيما في الحيوانات وما هديت إليه من مصالحها وأعطيت من الآلات المناسبة
(٩٣)