القديم مختارا كما مر وأما على الثاني فلجواز استناد الحادث إلى الموجب بتعاقب حوادث لا تتناهى وليس يلزم على شيء من هذين تخلف الأثر عن مؤثره الموجب التام لأن مؤثره إما مختار مع كون الباري تعالى موجبا وإما غير تام في المؤثرية لتوقف تأثيره فيه على شرائط حادثة غير متناهية قائمة بذاته تعالى وأنت بعد إحاطتك بما تقدم من المباحث خليق بأن يسهل عليك ذلك أي بيان الأمور المذكورة أما بيان حدوث ما سوى الله سبحانه وتعالى فيما مر من المسلك العام في حدوث العالم مطلقا أعني مسلك الإمكان أو المسلك الخاص بالأجسام مع نفي المجردات وأما بيان امتناع تعاقب الصفات والحركات إلى غير النهاية فبالبرهان التطبيقي احتج الحكماء على إيجابه تعالى بوجوه كثيرة أقواها ما صرح به المصنف وعبر عنه بقوله الأول لأنه الذي عليه يعولون وبه يصولون وتقريره أن يقال لا يجوز أن يكون قادرا إذ تعلق القدرة منه بأحد الضدين المقدورين له كتخصيص الجسم بشكل معين ولون مخصوص مثلا دون ما عداه من الأشكال والألوان إما لذاتها بلا مرجح وداع فيستغني الممكن عن المرجح لأن نسبة ذات القدرة إلى الضدين على السوية كما اعترف به القائل بقادريته وأنه يسد باب إثبات الصانع إذ يجوز حينئذ أن يترجح وجود الممكن على عدمه من غير مرجح وأيضا يلزم قدم الأثر لأن المؤثر حينئذ مستجمع لشرائط التأثير لأن الواجب أزلي وكذا قدرته وتعلقها فلا يجوز
(٨٢)