المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٧٩
الأول في أنه تعالى قادر أي يصح منه إيجاد العالم وتركه فليس شيء منهما لازما لذاته بحيث يستحيل انفكاكه عنه وإلى هذا ذهب المليون كلهم وأما الفلاسفة فإنهم قالوا إيجاده للعالم على النظام الواقع من لوازم ذاته فيمتنع خلوه عنه فأنكروا القدرة بالمعنى المذكور لاعتقادهم أنه نقصان وأثبتوا له الإيجاب زعما منهم أنه الكمال التام وأما كونه تعالى قادرا بمعنى إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل فهو متفق عليه بين الفريقين إلا أن الحكماء ذهبوا إلى أن مشيئة الفعل الذي هو الفيض والجود لازمة لذاته كلزوم العلم وسائر الصفات الكمالية له فيستحيل الانفكاك بينهما فمقدم الشرطية الأولى واجب صدقه ومقدم الثانية ممتنع الصدق وكلتا الشرطيتين صادقتان في حق الباري سبحانه وتعالى وأشار المصنف إلى الاحتجاج على كونه قادرا بقوله وإلا أي وإن لم يكن قادرا بل موجبا بالذات لزم أحد الأمور الأربعة إما نفي الحادث بالكلية أو عدم استناده إلى المؤثر أو التسلسل أو تخلف الأثر عن المؤثر الموجب التام وبطلان هذه اللوازم كلها دليل بطلان الملزوم أما بيان الملازمة فهو أنه على تقدير كونه تعالى موجبا إما أن لا يوجد حادث أو يوجد فإن لم يوجد فهو الأمر الأول وإن وجد فإما أن لا يستند ذلك الحادث الموجود إلى مؤثر موجد أو يستند فإن لم يستند فهو الثاني من تلك الأمور وإن استند فإما أن لا ينتهي إلى القديم أو ينتهي فإن لم ينته فهو الثالث منها لأنه إذا استند إلى مؤثر لا يكون قديما ولا منتهيا إليه فلا بد هناك من مؤثرات حادثة غير متناهية مع كونها مترتبة مجتمعة وهو تسلسل محال اتفاقا وإن انتهى فلا بد هناك من قديم يوجد حادثا بلا واسطة من الحوادث دفعا للتسلسل
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»