المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٨٥
وأما الذي يكون مبدأ لكل ما سواه فإن ذاته تمتنع عليه التغير فكذا تأثيره في غيره لا يتغير أصلا وأجيب عنه بمنع امتناع التغير في تعلق قدرته وإرادته وتأثيره المتفرع على ذلك التعلق فإن قيل هذا وجه ثالث لهم وهو أن يقال القدرة نسبتها إلى الوجود والعدم سواء فإنها لو تعلقت بأحدهما كانت إيجابا لا قدرة والعدم غير مقدور لأنه لا يصلح أثرا لكونه نفيا صرفا فلا يستند إلى شيء وحينئذ لا يكون الوجود أيضا مقدورا فلا قدرة أصلا قلنا لا نسلم أن العدم غير مقدور وأنه لا يصلح أثرا فإن عدم المعلول مستند إلى عدم علته كما أن وجوده مستند إلى وجودها وإن سلمناه أي كون العدم لا يصلح أثرا فالقادر من إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل لا إن شاء فعل العدم فإن العدم أوليس أثرا مفعولا للقادر كالوجود بل معنى استناده إليه أنه لم تتعلق مشيئته بالفعل فلم يوجد الفعل وهذا أولى مما قيل هو الذي إن شاء أن يفعل فعل وإن شاء أن لا يفعل لم يفعل لأن استناد العدم إلى مشيئة القادر يقتضي حدوثه كما في الوجود فيلزم أن لا يكون عدم العالم أزليا فروع على إثبات القدرة كما هي عندنا أعني أن تكون صفة زائدة على الذات قائمة بها الأول القدرة القائمة بذاته تعالى قديمة وإلا كانت حادثة فيلزم قيام الحادث بذاته تعالى وقد مر بطلانه وكانت أيضا واقعة أي صادرة عن الذات بالقدرة لما مر في هذا المقصد من أن الحادث لا يستند إلى الموجب القديم إلا بتسلسل الحوادث وهو باطل وإذا كانت واقعة بالقدرة
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»