من انقلاب النطفة علقة ثم مضغة ثم لحما ودما إذ لا بد لهذه الأحوال الطارئة على النطفة من مؤثر صانع حكيم لأن حدوث هذه الأصوار لا من فاعل محال وكذا صدورها عن مؤثر لا شعور له لأنها أفعال عجز العقلاء عن إدراك الحكم المودعة فيها وأما في الآفاق كما نشاهد من أحوال الأفلاك والعناصر والحيوان والنبات والمعادن والاستقصاء مذكور في الكتاب المجيد ومشروح في التفاسير الرابع الاستدلال بإمكان الأعراض مقيسة إلى محالها كما استدل به موسى عليه السلام حيث قال " ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى " أي أعطى صورته الخاصة وشكله المعين المطابقين للحكمة والمنفعة المنوطة به وهو أن الأجسام متماثلة متفقة الحقيقة لتركبها من الجواهر المتجانسة على ما عرفت فاختصاص كل من الأجسام بما له من الصفات جائز فلا بد في التخصيص من مخصص له ثم بعد هذه الوجوه الأربعة نقول مدبر العالم إن كان واجب الوجود فهو المطلوب وإلا كان ممكنا فله مؤثر ويعود الكلام فيه ويلزم إما الدور أو التسلسل وأما الانتهاء إلى مؤثر واجب الوجود لذاته والأول بقسميه باطل لما مر في مرصد العلة والمعلول من الأمور العامة فتعين الثاني وهو المطلوب ولا يذهب عليك أن ما ذكره تطويل ورجوع بالآخرة إلى اعتبار الإمكان وحده والاستدلال به والمشهور أن المتكلمين استدلوا بأحوال خصوصيات الآثار على وجود المؤثر فقالوا إن الأجسام محدثة لما مر فكذا الأعراض فلا بد لها من صانع ولا
(١٣)