المسلك الرابع وهو مما وفقنا لاستخراجه أن الموجودات لو كانت بأسرها ممكنة أي لو لم يوجد الواجب لانحصرت الموجودات في الممكن ولو انحصرت فيه لاحتاج الكل أي المجموع بحيث لا يشذ عنه شيء من أجزائه الممكنة إلى موجد لكونه ممكنا مركبا من ممكنات مستقل في الإيجاد بأن لا يستند وجرد شيء من أجزائه إلا إليه أو إلى ما هو صادر عنه فيكون هو الموجد لكل واحد منها إما ابتداء أو بواسطة هي منه أيضا يكون ارتفاع الكل مرة أي بالكلية وذلك بأن لا يوجد الكل ولا واحد من أجزائه أصلا ممتنعا بالنظر إلى وجوده أي وجود ذلك الموجد المستقل إذ ما لا يمنع جميع أنحاء العدم لا يكون موجبا للوجود لما عرفت من أن الممكن ما لم يجب وجوده من علته لم يوجد ويلزم من ذلك امتناع عدمه من أجلها بحيث لا يتطرق إليه العدم أصلا بوجه من الوجوه ولا شك أن عدم المجموع يكون على أنحاء شتى فإنه قد يعدم بعدم هذا الجزء وبعدم جزء آخر وهكذا فالموجد المستقل للكل يجب أن يكون بحيث يمتنع بسببه جميع هذه العدمات المنسوبة إلى أجزائه والشيء الذي إذا فرض عدم جميع الأجزاء أي عدم واحد منها كان ذلك العدم ممتنعا نظرا إلى وجوده يكون خارجا عن المجموع لا نفسه ولا داخلا فيه لأن عدم شيء منهما أوليس ممتنعا نظرا إلى ذاته وإلا كان واجبا لذاته فيكون ذلك الخارج عن جميع الممكنات واجبا وجوده في حد ذاته إذ لا موجود في الخارج سوى الممكن والواجب وهو المطلوب فإن قلت ثبوت الواجب على تقدير انحصار الموجودات في الممكن
(١٨)