المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٦١٣
والجواب إنه لما علم النبي صلى الله عليه وسلم أن الصحابة يقومون بذلك التعيين ولا يخلون به لم يفعل ذلك لعدم الحاجة إليه كما أنه صلى الله عليه وسلم لم ينص على كثير من الأحكام الشرعية بل وكلها إلى آراء المجتهدين الذين هم حماة الدين وأعلام الشرع ثم عدم النص الجلي معلوم قطعا لأنه لو وجد لتواتر ولم يكن ستره عادة إذ هو ما تتوفر الدواعي إلى نقله وأيضا لو وجد نص جلي على إمامة علي لمنع به غيره عن الإمامة كما منع أبو بكر الأنصار بقوله صلى الله عليه وسلم (الأئمة من قريش) مع كونه خبر واحد فأطاعوه وتركوا الإمامة لأجله فكيف يتصور أن يوجد نص جلي متواتر في علي وهو بين قوم لا يعصون خبر الواحد في ترك الإمامة وشأنهم في الصلابة في الدين ما يشهد به بذلهم الأموال والأنفس ومهاجرتهم الأهل والوطن وقتلهم الأولاد والآباء والأقارب في نصرة الدين ثم لا يحتج علي عليهم بذلك النص الجلي بل ولا يقول أحد منهم عند طول النزاع في أمر الإمامة ما بالكم تتنازعون فيها والنص قد عين فلانا لها ولو زعم زاعم أنه أي عليا فعل ذلك لم يقبلوه كان ذلك الزاعم مباهتا منكرا للضرورة فلا يلتفت إلى زعمه ولا يبالي بشأنه وأما تفصيلا فالكتاب والسنة أما الكتاب فمن وجهين الأول قوله تعالى " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " والآية عامة في الأمور كلها لصحة الاستثناء إذ يجوز أن يقال أولى إلا في كذا ومنها أي ومن الأمور التي تعمها الآية الإمامة والخلافة وعلي من أولي الأرحام دون أبي بكر والجواب منع العموم وصحة الاستثناء معارض بصحة التقسيم إذ
(٦١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 608 609 610 611 612 613 614 615 616 617 618 ... » »»