المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٥٨٢
الأول توفر الناس على مصالحهم الدنيوية وتعاونهم على أشغالهم الدينية مما يحث عليه طباعهم وأديانهم فلا حاجة بهم إلى نصب من يحكم عليهم فيما يستقلون به ويدل عليه أي على ما ذكرناه من عدم الحاجة إليه انتظام أحوال العربان والبوادي الخارجين عن حكم السلطان الثاني الانتفاع بالإمام إنما يكون بالوصول إليه لا يخفى تعذر وصول آحاد الرعية إليه في كل ما يعن لهم من الأمور الدنيوية عادة فلا فائدة في نصبه للعامة فلا يكون واجبا بل جائزا الثالث للإمامة شروط قلما توجد في كل عصر وعند ذلك فإن أقاموا أي الناس فاقدها لم يأتوا بالواجب عليهم بل بغيره وإن لم يقيموه أي وإن لم يقيموا الفاقد فقد تركوا الواجب فوجب نصب الإمام يستلزم أحد الأمرين الممتنعين فيكون ممتنعا والجواب عن الأول أنه وإن كان ممكنا عقلا فممتنع عادة لما يرى من ثوران الفتن والاختلافات عند موت الولاة ولذلك صادفنا العربان والبوادي كالذئاب الشاردة والأسود الضارية لا يبقي بعضهم على بعض ولا يحافظ في الغالب على سنة ولا فرض فقد اختل أمرهم في دنياهم وليس تشوفهم أي تطلعهم إلى العمل بموجب دينهم غالبا فيهم بحيث يغنيهم عن رياسة السلطان عليهم ولذلك قيل ما يزغ السلطان أي يكفه أكثر مما يزغ القرآن وقيل أيضا السيف والسنان يفعلان ما لا يفعل البرهان والجواب عن الثاني لا نسلم أن الانتفاع بالإمام إنما يكون بالوصول إليه فقط بل ويكون أيضا بوصول أحكامه وسياسته إليهم ونصبه من يرجعون إليه وعن الثالث أن
(٥٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 577 578 579 580 581 582 583 584 585 586 587 ... » »»