من ثوران الفتن والاختلافات عند موت الولاة ولذلك صادفنا العربان والبوادي كالذئاب الشاردة والأسود الضارية لا يبقي بعضهم على بعض ولا يحافظ في الغالب على سنة ولا فرض وليس تشوفهم إلى العمل بموجب دينهم غالبا ولذلك قيل ما يزع السلطان أكثر مما يزع القرآن وقيل السيف والسنان يفعلان ما لا يفعل البرهان وعن الثاني لا نسلم أن الانتفاع بالإمام إنما يكون بالوصول إليه بل بوصول أحكامه وسياسته ونصبه من يرجعون إليه وعن الثالث إن تركهم لنصبه لتعذره وعدم شرط الإمامة أوليس تركا للواجب إذ لا وجوب ثم قال الموجبون إن أصل دفع المضرة واجب قطعا فكذلك المضرة المظنونة وذلك مثل أن يعرف الإنسان أن كل مسموم يجب اجتنابه ثم يظن أن هذا الطعام مسموم فإن العقل الصريح يقضي بوجوب اجتنابه وكذا من علم أن الحائط الساقط لا يجوز الوقوف تحته ثم ظن أن هذا الحائط يسقط فالعقل الصريح يقضي بوجوب ألا يقف تحته والجواب منع حكم العقل احتج الموجب على الله بأنه لطف لكون العبد معه أقرب إلى الطاعة وأبعد عن المعصية واللطف واجب عليه تعالى والجواب بعد منع وجوب اللطف أن اللطف إنما يحصل بإمام ظاهر
(٥٧٧)