المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٥٨٣
تركهم لنصبه لتعذره وعدم شرط الإمامة أوليس تركا للواجب إذ لا وجوب ثمة عليهم على ذلك التقدير إنما الوجوب إذا وجد الجامع لشرائطها فلا محذور في ذلك الترك ثم قال الموجبون لنصب الإمام على الأنام عقلا إن أصل دفع المضرة واجب بحكم العقل قطعا فكذلك المضرة المظنونة يجب دفعها عقلا وذلك لأن الجزئيات المظنونة المندرجة تحت أصل قطعي الحكم يجب اندراجها في ذلك الحكم قطعا مثل أن يعرف الإنسان أن كل مسموم يجب اجتنابه ثم يظن أن هذا الطعام مسموم فإن العقل الصريح يقضي بوجوب اجتنابه وكذا من علم أن الحائط الساقط لا يجوز الوقوف تحته ثم ظن أن هذا الحائط يسقط فالعقل الصريح يقضي بوجوب أن لا يقف تحته والجواب منع حكم العقل بالوجوب وأخواته بل هي لا تستفاد إلا من الشرع احتج الموجب لنصب الإمام على الله بأنه لطف لكون العبد معه أقرب إلى الطاعة وأبعد عن المعصية واللطف واجب عليه تعالى والجواب بعد منع وجوب اللطف أن اللطف الذي ذكرتموه إنما يحصل بإمام ظاهر قاهر يرجى ثوابه ويخشى عقابه يدعو الناس إلى الطاعات ويزجرهم عن المعاصي بإقامة الحدود والقصاص وينتصف للمظلوم من الظالم وأنتم لا توجبونه على الله كما في هذا الزمان الذي نحن فيه فالذي توجبونه وهو الإمام المعصوم المختفي أوليس بلطف إذ لا يتصور منه مع الاختفاء تقريب الناس إلى الصلاح وتبعيدهم عن الفساد والذي هو
(٥٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 578 579 580 581 582 583 584 585 586 587 588 ... » »»