قلنا نمنع الإجماع وعلى تقدير ثبوته نمنع كون مخالفه كافرا كما عرفت الخامس قولهم المعدوم شيء أي ثابت متقرر في الأزل وأنه تصريح بمذهب أهل الهيولى سيما نفاة الأحوال الذين كانوا قبل أبي هاشم لأن ذاته عندهم وجوده يعني أن نافي الأحوال يلزمه القول بأن ذات الشيء عين وجوده فإذا كانت الذوات عندهم حاصلة في الأزل بلا فاعل كانت وجوداتها كذلك فذوات الممكنات حينئذ موجودة قديمة من غير استناد إلى فاعل أصلا وهذا أشنع من القول بوجود الهيولى القديمة المستندة إلى فاعل في الجملة قلنا ما ذكرتم إلزام للكفر عليهم بما ذهبوا إليه والإلزام غير الالتزام واللزوم غير القول به كما مر عن قريب السادس إنكارهم الرؤية وقد دل القرآن على أن منكرها كافر لأنه قال تعالى * (بل هم بلقاء ربهم كافرون) * قلنا اللقاء حقيقة في الالتقاء والوصول إلى مماسة الشيء وذلك محال في حقه تعالى فتعين أنه في الآية مجاز فلعل المراد به لقاء ثواب الله لا رؤيته فإن المفسرين كلهم قالوا المراد به الوصول إلى دار الثواب الثاني من تلك الأبحاث تكفير المعتزلة الأصحاب بأمور الأول إنكار كون العبد فاعلا لفعله لأنه يسد باب إثبات الصانع إذ طريقه قياس الغائب على الشاهد وإذا جاز عدم استناد فعلنا إلينا جاز استناد الحوادث لا إلى محدثها أي الطريق إلى احتياج العالم في حدوثه إلى الفاعل هو قياسه على حاجة أفعالنا في حدوثها إلينا فإذا لم تحتج هي في حدوثها إلينا لم يمكن القياس فالقول به سد لباب إثبات صانع العالم وهو كفر
(٥٦٩)