قلنا أوليس الطريق إلى احتياج العالم في حدوثه إلى الصانع منحصرا في القياس المذكور إذ تقدم لنا في إثبات الصانع وجوه خمسة لا يحتاج فيها إلى هذا القياس الثاني من تلك الأمور نسبة فعل العبد إلى الله تعالى فلأنه يلزمه كونه فاعلا للقبائح فجاز حينئذ إظهار المعجزة على يد الكاذب إذ غايته أنه فعل قبيح وقد جوزتم صدوره عنه تعالى فلا يبقى للمعجزة دلالة على صدق النبي وجاز أيضا الكذب عليه سبحانه فيرتفع الوثوق عن كلامه في وعده ووعيده وفيه إبطال الشرائع بالكلية قلنا قد أجبنا عنه بما مر من أنه لا قبيح بالنسبة إليه تعالى بل الأفعال كلها يحسن صدورها عنه ومن أن إظهار المعجزة على يد الكاذب وإن كان ممكنا صدوره عنه عقلا إلا أنه معلوم انتفاؤه عادة كسائر العاديات إلى آخر ما مر في البحث عن كيفية دلالة المعجزة الثالث إثبات الصفات قول بقدماء متعددة وقد كفر النصارى للقول بقدماء ثلاثة فكيف الستة أو السبعة أو أكثر قلنا قد مر جوابه في بحث القدم وأشير إليه في مباحث الصفات الرابع قولهم القرآن قديم فإنه يقتضي عدم كون المسموع قرآنا لحدوثه قطعا إذ هو مركب مما لا يجتمع في الوجود معا بل ينعدم المتقدم عند وجود المتأخر قلنا ما ذكرتم مشترك الإلزام لأن الحروف والأصوات التي يتكلم بها الله على مذهبكم قد انتفت وما يتكلم به حروف وأصوات أخر فما تسمعه أوليس كلام الله فقد لزمكم الكفر أيضا ولا مفر لكم إلا أن تقولوا ما
(٥٧٠)