وقالت المعتزلة المعاصي أقسام ثلاثة إذ منها ما يدل على الجهل بالله ووحدته وما يجوز عليه وما لا يجوز والجهل برسالة رسوله كإلقاء المصحف في القاذورات والتلفظ بكلمات دالة على ذلك وكسب الرسول والاستخفاف به فهو كفر ومنها ما لا يدل على ذلك وهو قسمان قسم يخرج مرتكبه إلى منزلة بين المنزلتين أي الكفر والإيمان على معنى أنه لا يحكم على صاحبها بالكفر لسائر ما اتصف به من أعماله الصالحة ولا بالإيمان لإيهامه عدم التصديق بل يحكم عليه بالفسق ويعبر عنها أي عن المعاصي المخرجة إلى تلك المنزلة بالكبائر كالقتل العمد العدوان والزنا وشرب الخمر ونظائرها وأول من أحدث القول بهذا الإخراج واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد ومنها ما لا يخرج أي قسم لا يخرج ككشف العورة والسفه ويسمى بالصغائر ولا يوصف صاحبها بالكفر ولا بالفسق بل بالإيمان وسنزيده أي نزيد ما ذكرناه في هذا المقصد من قول الخوارج والمعتزلة بيانا في المقصد الذي يتلوه تذنيب في تفصيل الكفار فنقول الإنسان إما معترف بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم أو لا والثاني إما معترف بالنبوة في الجملة وهم اليهود النصارى وغيرهم كالمجوس وإما غير معترف بها أصلا وهو إما معترف بالقادر المختار وهم البراهمة أو لا وهم الدهرية على اختلاف أصنافهم ثم إنكارهم لنبوته صلى الله عليه وسلم إما عن عناد وعذابه مخلدا إجماعا وإما عن اجتهاد به بلا تقصير فالجاحظ والعنبري على أنه معذور وعذابه غير مخلد وقد عرفت أنه مخالف لإجماع من قبلهما والأول هو المعترف بنبوته صلى الله عليه وسلم
(٥٤٧)