باللسان كما هو مذهب الكرامية فإن أهل اللغة لا يعلمون من التصديق إلا ذلك قلنا لو فرض عدم وضع صدقت لمعنى بل كان مهملا أو فرض وضعه لمعنى غير التصديق لم يكن المتلفظ به على ذلك التقدير مصدقا بحسب اللغة قطعا فالتصديق إما معنى هذه اللفظة أو هذه اللفظة لدلالتها على معناها وأيا ما كان فيجب الجزم بعلم العقلاء إلا اللساني ويؤيده أي يؤيد أن الإيمان أوليس فعل اللسان بل فعل القلب قوله تعالى * (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين) * وقوله * (قالت الأعراب آمنا) * الآية فقد أثبت في هاتين الآيتين التصديق اللساني ونفي الإيمان فعلم أن المراد به التصديق القلبي دون اللساني احتج الكرامية بأنه تواتر أن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين كانوا يقنعون بالكلمتين ممن أتى بهما ولا يستفسرون عن علمه وتصديقه القلبي وعلمه فيحكمون بإيمانه بمجرد الكلمتين فعلمنا أنه الإيمان بلا علم وعمل الجواب معارضته بالإجماع على أن المنافق كافر مع إقراره باللسان وتلفظه بالشهادتين ومعارضته بنحو قوله تعالى * (قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) * وحله بأن يقال لا نزاع في أنه أي التصديق اللساني يسمى إيمانا لغة لدلالته على التصديق القلبي ولا في أنه يترتب عليه في الشرع أحكام الإيمان ظاهرا فإن الشارع جعل مناط الأحكام الأمور الظاهرة المنضبطة والتصديق القلبي أمر خفي لا يطلع عليه بخلاف الإقرار باللسان فإنه مكشوف بلا سترة فيناط به الأحكام الدنيوية وإنما النزاع
(٥٣٦)