وأما الميزان فأنكره المعتزلة عن آخرهم لأن الأعمال أعراض وإن أمكن إعادتها فلا يمكن وزنها إذ لا توصف بالخفة والثقل وأيضا فالوزن للعلم بمقدارها وهي معلومة لله تعالى فلا فائدة فيه فيكون قبيحا تنزه عنه الرب تعالى والجواب أنه ورد في الحديث أن كتب الأعمال هي التي توزن وحديث الغرض من الوزن والقبح العقلي قد مر مرارا الشرح المقصد الثاني عشر في أن جميع ما جاء به الشرع من الصراط والميزان والحساب وقراءة الكتب والحوض المورود وشهادة الأعضاء كلها حق بلا تأويل عند أكثر الأمة والعمدة في إثباتها إمكانها في نفسها إذ لا يلزم من فرض وقوعها محال لذاته مع إخبار الصادق عنها وأجمع عليه المسلمون قبل ظهور المخالف ونطق به الكتاب نحو قوله تعالى * (فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم إنهم مسؤولون) * وقوله * (والوزن يومئذ الحق) * وقوله * (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة) * فقد ثبت بما ذكر الصراط والميزان بل ثبت أيضا السؤال الذي هو قريب من الحساب وقوله * (فسوف يحاسب حسابا يسيرا) * مع الإجماع على تسمية يوم القيامة يوم الحساب فهذا الإجماع يؤيد الآية الدالة على ثبوت الحساب وقوله تعالى * (فأما من أوتي كتابه بيمينه) * وقوله * (اقرأ كتابك) * فقد ثبت بها قراءة الكتب وقوله * (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) * فتحققت به شهادة الأعضاء وقوله * (إنا أعطيناك الكوثر) * فإنه يدل على الحوض مع قوله عليه
(٥٢٤)