المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٤٠٩
الأحاديث الصحيحة فمن ذلك إخباره بأن زينب أول من يموت بعده من أزواجه وكان كما أخبر ومنه إخباره عن خلافة الخلفاء الراشدين بقوله الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكا عضوضا وإخباره عن مقتل الحسن والحسين وهدم الكعبة ورجوع الأمر إلى بني العباس وعلى الاستيلاء عن مملكة الأكاسرة إلى غير ذلك من إخباراته التي ظهر صدقها ومن بحث عن هذا الجنس وجده كثيرا لا يحصى ثم نقول كل واحدة من هذه المعجزات المغايرة للقرآن وإن لم تتواتر فالقدر المشترك بينها وهو ثبوت المعجزة متواترا بلا شبهة كشجاعة علي وسخاوة حاتم وهو كاف لنا في إثبات النبوة المسلك الثاني من مسالك إثبات نبوته صلى الله عليه وسلم وقد ارتضاه الجاحظ من المعتزلة وارتضاه أيضا الغزالي قدس سره في كتابه المسمى بالمنقذ من الضلال الاستدلال بأحواله قبل النبوة وحال الدعوة وبعد تمامها وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لم يكذب قط لا في مهمات الدين ولا في مهمات الدنيا ولو كذب مرة لاجتهد أعداؤه في تشهيره ولم يقدم على فعل قبيح لا قبل النبوة ولا بعدها وكان في غاية الفصاحة كما قال (أوتيت جوامع الكلم) وقد تحمل في تبليغ الرسالة أنواع المشقات وصبر عليها بلا فتور في عزيمته ولما استولى على الأعداء وبلغ الرتبة الرفيعة في نفاذ أمره في الأموال والأنفس لم يتغير عما كان عليه بل بقي من أول عمره إلى آخره على طريقة واحدة مرضية وأخلاقه العظيمة فإنه صلى الله عليه وسلم كان في غاية الشفقة على أمته حتى خوطب بقوله تعالى * (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) *
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»