والجواب إنه لا يجب رعاية المصلحة في الأحكام عندنا فلا يلزم اشتمال الحكم المنسوخ على مصلحة وإن وجب أن تراعى المصالح في الأحكام فربما حدثت مصلحة لم تكن حاصلة قبل فإن المصالح تختلف بحسب الأوقات كشرب الدواء الخاص في وقت دون وقت فربما كانت المصلحة في وقت ثبوت الحكم لاشتماله فيه على ما يجب رعايته وفي وقت آخر ارتفاعه لاشتماله فيه على مصلحة أخرى حادثة بعد زوال الأولى أو مرجوحيتها مقيسة إلى الثانية فلا يلزم ما ذكرتم من الجهل أو البداء وكيف لا يجوز ما ذكرناه والمحكوم عليه هنا أي في نسخ شرائع من قبلنا بشريعتنا أوليس بمتحد إذ تلك لأقوام آخرين وهذه لنا ولك أن تحمل المحكوم عليه ههنا على الفعل فإن ما يتعلق به الحكم الناسخ من الأفعال مغاير لما تعلق به الحكم المنسوخ وحينئذ يجوز النسخ في الأحكام المتعلقة بأفعال شخص واحد الثاني من الوجهين أن موسى عليه السلام نفى نسخ دينه ولا بد من الاعتراف بصدقه لكونه نبيا بالاتفاق وحينئذ لا يصح نبوة من يدعي نسخه وهو المطلوب بيانه أي بيان أنه نفى نسخ دينه أنه تواتر عنه قوله تمسكوا بالسبت ما دامت السماوات والأرض وإذا ثبت دوام السبت وامتناع نسخه ثبت امتناعه في سائر أحكامه بل نقول المراد بدوامه دوام اليهودية كما يتبادر إليه الفهم وأيضا فإنه إما أن يكون موسى قد صرح بدوام دينه أو بعدم دوامه أو سكت عنهما والأخيران باطلان أما الثاني وهو تصريحه بعدم دوامه فلأنه لو قال ذلك وصرح به لتواتر عنه قطعا لكونه من الأمور
(٤١٣)