تعالى اقتضت التعبير عن بعض الأمور بصيغة الماضي وعن بعضها بصيغة المستقبل فسقط ما تمسك به المعتزلة في حدوث القرآن من أنه لو كان قديما لزم الكذب في أمثال ما ذكر فإن الإرسال لم يكن واقعا قبل الأزل وههنا أسرار أخر لا أبوح بها ثقة بفطنتك منها إذا قلنا كان الله موجودا في الأزل وسيكون موجودا في الأبد وهو موجود الآن لم نرد به أن وجوده واقع في تلك الأزمنة بل أردنا أنه مقارن معها من غير أن يتعلق بها كتعلق الزمانيات ومنها أنه لو ثبت وجود مجردات عقلية لم تكن أيضا زمانية ومنها أنه إذا لم يكن زمانيا لم يكن بالقياس إليه ماض وحال ومستقبل فلا يلزم من علمه بالتغيرات تغير في علمه إنما يلزم ذلك إذا دخل فيه الزمان المقصد الخامس المتن في أنه تعالى لا يتحد بغيره لما علمت فيما تقدم من امتناع اتحاد الاثنين مطلقا وأنه تعالى لا يجوز أن يحل في غيره لأن الحلول هو الحصول على سبيل التبعية وأنه ينفي الوجوب وأيضا لو استغنى على المحل لذاته لم يحل فيه وإلا احتاج إليه لذاته ولزم قدم المحل وأيضا فإن المحل إن قبل الانقسام لزم انقسامه وتركبه واحتياجه إلى أجزائه وإلا كان أحقر الأشياء وأيضا فلو حل في جسم فذاته قابلة للحلول والأجسام متساوية في القبول وإنما التخصيص للفاعل المختار فلا يمكن الجزم بعدم حلوله في البقة والنواة وأنه ضروري البطلان والخصم معترف به وربما يحتج عليه بأن معنى حلوله في الغير كون تحيزه تبعا لتحيز المحل فيلزم كونه متحيزا وفي جهة وقد أبطلناه وقد عرفت ضعفه كيف وأنه ينتقض بصفاته تعالى
(٤٣)