الجواب الإجمالي ما قررناه غير مرة أي قررناه مرارا ومن جملتها جواب الطائفة الرابعة من أن التجويزات العقلية لا تنافي العلم العادي كما في المحسوسات والجواب التفصيلي عن الأول أنا بينا أن لا مؤثر في الوجود إلا الله فالمعجز لا يكون إلا فعلا له لا للمدعي والسحر ونحوه إن لم يبلغ حد الإعجاز الذي هو كفلق البحر وإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص كما هو مذهب جميع العقلاء فظاهر أنه لا يلتبس السحرة بالمعجزة فلا إشكال وإن بلغ السحر حد الإعجاز فأما أن يكون دون دعوى النبوة والتحدي فظاهر أيضا أنه لا التباس أو يكون معه أي مع ادعاء النبوة والتحدي وحينئذ فلا بد من أحد أمرين إما أن لا يخلقه الله على يده أو أن يقدر غيره على معارضته وإلا كان تصديقا للكاذب وأنه محال على الله سبحانه لكونه كاذبا والجواب عن الثاني أن لا خالق إلا الله فلا يكون المعجز مستندا إلى غير وعن الثالث أن لم يجوز الكرامة فلا إشكال عليه ومن جوزها فقال بعضهم منهم الأستاذ أبو إسحق لا تبلغ الكرامة الظاهرة على يد الأولياء درجة المعجز وقيل لا تقع الكرامة على القصد والاختيار حتى إذا أراد الولي إيقاعها لم تقع بل وقوعها اتفاقي فقط وقال القاضي تجوز الكرامة إذا لم تقع على طريق التعظيم والجلال لأن ذلك أوليس من شعار الصالحين ومع ذلك تمتاز الكرامة عن المعجز بأنها مع دعوى الولاية دون النبوة وعلى التقادير كلها فالفرق بينها وبين المعجزة ظاهر فلا تشتبه إحداهما بالأخرى وعن الرابع أنا لا نقول بالغرض أي لا نقول بأن خلق المعجزة لغرض التصديق لأن أفعاله تعالى عندنا غير معللة بالأغراض بل نقول إن خلقها على يد المدعي يدل على تصديق له قائم بذاته تعالى كما أن حمرة الخجل تفيد العلم الضروري
(٣٧١)