المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٣٣٣
إحداها أي إحدى الأمور المختصة به أن يكون له اطلاع على المغيبات الكائنة والماضية والآتية ولا يستنكر هذا الاطلاع لأن النفوس الإنسانية مجردة في ذاتها عن المادة غير حالة فيها بل هي لا مكانية ولها نسبة في التجرد إلى المجردات العالية والنفوس السماوية المنتقشة بصور ما يحدث في هذا العالم العنصري الكائن الفاسد لكونها مبادي له فقد تتصل النفس الناطقة بها أي بتلك المجردات اتصالا معنويا وتنجذب إليها بواسطة الجنسية وتشاهد ما فيها من صور الحوادث فتحكيها أي يرتسم فيها من تلك الصور ما لا تستعد هي لارتسامه فيها كمرآة يحاذى بها مرآة أخرى فيها نقوش فينعكس منها إلى الأول ما يقابلها ويؤيده أي يدل على جواز ما قلنا من أن تكون للنبي نفس قوية بهذه المرتبة ما ترى النفوس أي رؤية النفوس البشرية وما هي عليها من التفاوت في إدراك المعاني العقلية في طرفي الزيادة والنقصان تفاوتا متصاعدا إلى النفوس القدسية التي تدرك النظريات الكثيرة بالحدس في أقرب زمان غير أن يعرض لها غلط ومتنازلا إلى البليد الذي لا يكاد يفقه قولا وكيف يستنكر ذلك الاطلاع في حق النبي وقد يوجد ذلك فيمن قلت شواغله لرياضة بأنواع المجاهدات أو مرض صارف للنفس عن الاشتغال بالبدن واستعمال الآلة أو نوم ينقطع به إحساساته الظاهرة فإن هؤلاء قد يطلعون على مغيبات ويخبرون عنها كما يشهد به التسامع والتجارب بحيث لا يبقى فيه شبهة للمنصفين قلنا ما ذكرتم مردود بوجوه إذ الاطلاع على جميع المغيبات لا يجب للنبي اتفاقا منا ومنكم ولهذا قال سيد الأنبياء (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء) والبعض أي الاطلاع على البعض لا يختص به أي بالنبي كما أقررتم به حيث جوزتموه للمرتاضين والمرضى والنائمين فلا يتميز به النبي
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 ... » »»