منه ولا واجب عليه فلا يتصور منه فعل قبيح ولا ترك واجب وأما المعتزلة فمن جهة أن ما هو قبيح منه يتركه وما يجب عليه يفعله وهذا الخلاف في مبنى الحكم المتفق عليه فرع المسألة المتقدمة أعني قاعدة التحسين والتقبيح إذ لا حاكم بقبح القبيح منه ووجوب الواجب عليه إلا العقل فمن جعله حاكما بالحسن والقبح قال بقبح بعض الأفعال منه ووجوب بعضها عليه ونحن قد أبطلنا حكمه وبينا فيما تقدم أنه تعالى الحاكم فيحكم ما يريد ويفعل ما يشاء لا وجوب عليه كما لا وجوب عنه ولا استقباح منه وأما المعتزلة فإنهم أوجبوا عليه تعالى بناء على أصلهم أمورا فنذكرها هنا ونبطلها بوجوه مخصوصة بها وإن كان إبطال أصلها كافيا في إبطالها الأول اللطف وفسروه بأنه الفعل الذي يقرب العبد إلى الطاعة ويبعده عن المعصية ولا ينتهي إلى حد الإلجاء كبعثة الأنبياء فإنا نعلم بالضرورة أن الناس معها أقرب إلى الطاعة وأبعد عن المعصية فيقال لهم هذا الدليل الذي تمسكتم به في وجوب اللطف ينتقض بأمور لا تحصى فإنا نعلم أنه لو كان في كل عصر نبي وفي كل بلد معصوم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وكان حكام الأطراف مجتهدين متفقين لكان لطفا وأنتم لا توجبونه على الله تعالى بل نجزم بعدمه فلا يكون واجبا عليه الثاني من الأمور التي أوجبوها الثواب على الطاعة لأنه مستحق للعبد على الله بالطاعة فالإخلال به قبيح وهو ممتنع عليه تعالى وإذا كان تركه ممتنعا كان الإتيان به واجبا ولأن التكليف إما لا لغرض وهو عبث وإنه لجد قبيح خصوصا بالنسبة إلى الحكيم تعالى وإما لغرض إما عائد إلى الله تعالى وهو منزه عنه أو إلى العبد إما في الدنيا وأنه مشقة بلا حظ وإما في الآخرة وهو إما إضراره وهو باطل إجماعا وقبيح من
(٢٨٦)