لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) فقد طلب الطمأنينة فيما يعتقده ويعلمه بانضمام المشاهدة إلى الدليل والجواب أن العلم لا يقبل التفاوت فإنه كما مر صفة توجب تمييزا لا يحتمل متعلقه النقيض بوجه من الوجوه ولذلك يؤول قول الخليل تارة بما يضعف وهو أنه مخاطبة منه لجبريل عند نزوله إليه بالوحي ليعلم أنه منه عند الله وضعفه أنه خاطب الرب وجبرائيل أوليس برب وأيضا إحياء الموتى أوليس مقدورا لجبرائيل فكيف يطلب منه وتارة بما يقوى وهو ما روي من أنه أوحى الله تعالى إليه أني اتخذت إنسانا خليلا وعلامته أني أحيي الموتى بدعائه فظن إبراهيم أنه ذلك الإنسان فطلب الإحياء ليطمئن به قلبه مع أنه كان يمكنه أي يمكن موسى ذلك أي طلب التأكد من غير ارتكاب سؤال ما لا يمكن من الرؤية بأن يطلب إظهار الدليل السمعي على استحالتها بلا طلب فيكون حينئذ طلبها خارجا عما يليق بالعقلاء خصوصا الأنبياء الخامس من تلك الوجوه أنه قد لا يعلم امتناع الرؤية ولا يضر ذلك في نبوته مع العلم بالوحدانية لأن المقصود من وجوب معرفته عندنا هو التوصل إلى العلم بحكمته وأنه لا يفعل قبيحا والغرض من البعثة هو الدعوة إلى أنه تعالى واحدا وأنه كلف عباده بأوامر ونواه تعريضا لهم إلى النعيم المقيم وذلك لا يتوقف على العلم باستحالة رؤيته وأما من جعل الوجوب شرعيا فعنده يجوز أن لا تكون شريعة موسى آمرة بمعرفة أنه تعالى يستحيل رؤيته أو يعلم موسى امتناع الرؤية والسؤال بطلبها صغيرة لا تمتنع على الأنبياء
(١٧٩)