المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٢١
لامتناع كونه معلولا لغيرها فتتقدم ماهيته عليه أي على وجوده بالوجود وهو محال كما سلف والواجب وجوده نفسه ونمنع الاشتراك في الوجود الذي هو عينه بل المشترك هو الوجود بمعنى الكون في الأعيان أعني مفهوم الوجود العارض للموجودات الخارجية وأما ما صدق عليه الوجود فلا اشتراك فيه وذلك كالماهية والتشخص أو وجوه غيره أي زائد عليه ومعلول لماهيته وتقدم الماهية عليه أوليس بالوجود كما تقدم الثانية من تلك الشبه لو كان الواجب موجودا لكان إما مختارا أو موجوبا والأول باطل لأن العالم قديم بدليله والقديم لا يستند إلى المختار والثاني باطل وإلا لزم قدم الحادث اليومي أو التسلسل وكلاهما محال والجواب لا نسلم أن العالم قديم وقد مر ضعف دلائله الثالثة منها لو كان الواجب موجودا لكان إما عالما بالجزئيات أو لا والأول باطل وإلا لزم التغير فيه أي في ذات الواجب تعالى لتغير المعلوم الجزئي من حال إلى حال فإن زيدا مثلا يتصف تارة بالقيام وأخرى بعدمه والعلم لا بد فيه من أن يطابق معلومه فيتغير أيضا بحسبه فلا يكون الواجب على هذا التقدير واجبا بل حادثا لأن محل الحوادث حادث والثاني باطل لأنا نعلم بالبديهة أن هذه الأفعال المتقنة المشاهدة في الجزئيات لا تستند إلى عديم العلم والجواب نختار أنه عالم بالجزئيات والتغير اللازم في العلم إنما هو في الإضافات لا في الذات أي لا في صفاته الحقيقية فإن علمه تعالى صفة واحدة حقيقية قائمة بذاته ومتعلقة بالمعلومات كلها فإذا تغيرت لم تتغير تلك الصفة بل تغيرت تعلقاته بها وإضافاته إليها فيكون تغيرا في أمور اعتبارية لا في صفات حقيقية وأنه جائز في الواجب كما سيأتي ولنقتصر على هذا القدر فإن هذا منشأ للشبهات التي طول بها الكتب وعد ذلك التطويل تبحرا في العلوم وتوسعا في التحقيق والتدقيق وعليك بعد الاهتداء إليه بما نبهناك به من الضابطة والأمثلة أن توقر من أمثاله الأباعر جمع بعير
(٢١)
مفاتيح البحث: التصديق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»