المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ١٦٨
وثانيهما أنه لا يمكن أن تحصل اللذة بطريق آخر سوى دفع الألم ومما ينبه على أنه قد تحدث اللذة بطريق سواه ما يوجب اللذة دفعة بلا شوق إليه ولا أن يخطر بالبال حتى يقال إنها أي اللذة التي أوجبها ذلك الشيء دفع لألم الشوق إليه إذ لا إمكان للشوق بدون الشعور وذلك الموجب للذة دفعة مثل النظر إلى وجه مليح والعثور على مال بغته والاطلاع على مسألة علمية فجأة فإن الإنسان يلتذ بهذه الأشياء ولم يكن له ألم بفقدانها فقد ظهر أن دفع الألم على تقدير كونه سببا لحصول اللذة ليس سببا مساويا لها وقد يقال إنه كان مدركا لكليات هذه الأشياء ومشتاقا إليها في ضمن جميع جزئياتها ومتألما بفقدانها وإن لم يكن له شعور بهذه المعينات فإذا حصلت له هذه الجزئيات زال عنه بعض ذلك الألم وإذا حصل له جزئيات أخر زال بعض آخر وهكذا فلا يتحقق لذة بلا زوال ألم ثم قال الحكماء الألم سببه الذاتي تفرق الاتصال فقط بالتجربة وهذا مذهب جالينوس فالحار إنما يوجع ويؤلم لأنه يفرق الاتصال وكذا البارد يلزمه تفرق الاتصال لأنه لشدة تكثيفه وجمعه يوجب انجذاب الأجزاء إلى ما يتكاثف إليه ويلزم من ذلك تفرقها مما تنجذب عنه والأسود الحالك المظلم يؤلم لشدة جمعه والأبيض اليقق لشدة تفريقه والمر والحامض من المذوقات يؤلمان لفرط التفريق والعفص والقابض لفرط التقبيض المستشيع للتفريق وكذا الحال في المشمومات فبعضها مفرق وبعضها مكثف والأصوات القوية تؤلم بالتفريق التابع لعنف الحركة الهوائية عند ملاقاة الصماخ
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»