القدرة وهو كما قاله ابن سينا مبدأ التغير في آخر من حيث هو آخر وقولنا من حيث هو آخر ليدخل فيه أي في هذا الحد المعالج لنفسه فإنه يؤثر من حيث هو عالم بصناعة الطب عامل بمقتضاها ويتأثر من حيث هو جسم ينفعل عما يلاقيه من الدواء وهذا مبني على ما يتبادر إلى الأوهام من أن الإنسان هو هذا الجسم والتحقيق أن المعالج المؤثر هو النفس الناطقة والمعالج المتأثر هو البدن وهما متغايران بالذات فالأولى أن يمثل بمعالجة الإنسان نفسه في إزالة الأخلاق الرديئة التي هي أمراض نفسانية وإنما كان هذا القيد موجبا لعموم الحدود ودخول ما كان خارجا عنه لأن المتبادر من لفظ الآخر هو المغاير بالذات فلما قيد بالحيثية علم أن التغاير بالاعتبار كاف والقوة بهذا المعنى تنقسم إلى أقسام أربعة لأن الصادر من القوة إما فعل واحد أو أفعال مختلفة وعلى التقديرين إما أن يكون لها شعور بما يصدر عنها أو لا فالأول النفس الفلكية والثاني الطبيعة العنصرية وما في معناها والثالث القوة الحيوانية والرابع النفس النباتية وقد مرت الإشارة إليها قال الإمام الرازي بعض هذه الأقسام صور جوهرية وبعضها صور أعراض فلا تكون القوة مقولة عليها قول الجنس بل قول العرض العام لامتناع اشتراك الجواهر والأعراض في وصف جنسي وتقال القوة للإمكان المقابل لفعل لأنه أي هذا الإمكان سبب للقدرة عليه أي على الشيء الذي تعلق به هذا الإمكان مجازا وذلك لأن القدرة إنما تؤثر وفق الإرادة التي يجب مقارنتها لعدم المراد فلولا الإمكان المقارن للعدم وهو الذي يقابل الفعل لم تؤثر القدرة في ذلك المراد فهذا الإمكان سبب للقدرة بحسب الظاهر ولما كانت القدرة مسماة بالقوة أطلق اسمها على سببها وإنما لم يجعل الإمكان المقابل للفعل لازما للقدرة كما زعمه الإمام الرازي ووجهه بأن القادر هو الذي يصح منه الفعل أو الترك كما نقلناه لأن اللازم للقدرة على توجيهه هو الإمكان الذاتي لا المقابل للفعل وللتنبيه على ذلك قال المصنف وهذا أي الإمكان المقابل المسمى بالقوة غير الإمكان الذاتي فإنه أي الإمكان الذاتي قد يقارن الفعل فإن الأسود بالفعل يمكن سواده إمكانا ذاتيا وينعكس من الطرفين أي طرفي الوجود والعدم فإن ممكن الوجود ممكن العدم أيضا
(١٥٧)