المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ١٦٥
إنها دفع لألم الشوق وذلك مثل النظر إلى وجه مليح والعثور على مال بغتة ثم قال الحكماء الألم سببه تفرق الاتصال بالتجربة وأنكره الإمام الرازي فإن من عقر بسكين شديد الحدة لم يحس بالألم إلا بعد زمان ولو كان ذلك سببا لامتنع التخلف عنه بل تفرق الاتصال يعد لسوء المزاج وحصوله يستدعي زمانا ما فريثما يبتدئ العضو بالاستحالة إلى مزاج سيئ يحصل الألم وربما احتج بأن التفرق عدم الاتصال وهو عدمي وبأن التغذي مداخلة الغذاء لجميع الأجزاء ولا تتصور إلا بتفريق فيجب أن يؤلم وزاد ابن سينا سببا آخر وهو سوء المزاج المختلف ولذلك تؤلم لسعة العقرب ما لا تؤلم الإبرة بخلاف المتفق فإنه لا يؤلم أما أنيته فإن حرارة المدقوق أكثر من حرارة صاحب الغب بكثير والثاني مدرك دون الأول وأما لميته فإن الإحساس شرطه مخالفة ما لكيفية الحاس والمحسوس إذ مع الاتفاق لا يحصل تأثر فلا يكون إحساس فإذا تمكن الكيفية المنافرة في العضو وأزال كيفية العضو الأصلية فليس ثمة كيفيتان متخالفتان فلم يكن فعل وانفعال فلا يحس به ولذلك فإن المحسوسات إذا استمرت يضعف الشعور بها متدرجا حتى ربما لم يشعر بها وإن شئت فقس من دخل الحمام يستسخن الماء الحار بحيث يشمئز منه حتى إذا لبث فيه قاب ساعة أثر فيه هواء الحمام فيسخن فتراه لا يدرك سخونته بل ربما استبرده النوع الخامس من أنواع الكيفيات النفسانية في بقية الكيفيات النفسانية وفيه أي في هذا النوع مقصدان الشرح اللذة والألم بديهيان لأن كل عاقل بل كل حساس يدركهما من نفسه ويميز كل واحد منهما عن صاحبه ويميزهما عما عداهما بالضرورة فلا يعرفان لتحصيل ماهيتهما فإن الإحساس الوجداني بجزئياتهما قد أفاد العلم بتلك الماهية على وجه لا يتأتى لنا تحصيل مثله بطريق الاكتساب كما في سائر المحسوسات على ما مر وهذا مما لا يخفى على ذي انصاف
(١٦٥)
مفاتيح البحث: الإستحمام، الحمام (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»