المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ١٧٠
الأجزاء كلها فلو كان مؤلما بالذات لعم الألم الأعضاء بأسرها لا يقال تلك التفرقات مؤلمة إلا أن آلامها لما استمرت لم يحس بها كسائر الكيفيات المستمرة لأنا نقول لا نعني بالألم إلا المعنى المخصوص الذي يجده الحي من نفسه فإذا لم يحس به مع سلامة الحس والتوجه إلى إدراكه دل على عدمه قطعا فإن قيل الحس شاهد بأن تفرق الاتصال مؤلم قلنا تفرق الاتصال يستعقب سوء المزاج الذي هو المؤلم بالذات فإن اختلاط العناصر لما زال بالتفرق عاد طبيعة كل منها إلى اقتضاء الكيفية الخارجة عن الاعتدال بالفاعل للمزاج السيء هو طبائعها لا التفرق العدمي فلا يلزمنا جعل العدمي سببا للوجودي واحتج في الملخص بوجه آخر إلزامي وهو أن الفلاسفة متفقون على أن الكيفيات والصور الحادثة في الأجسام التي تحت كرة القمر إنما تحدث عن مبدأ عام الفيض وإنما تختلف الأعراض والصور في تلك الأجسام لاختلافها في الاستعداد فالجسم المركب يختص بصورة أو كيفية لأن مزاجه أفاده استعدادا لقبول تلك الصورة أو الكيفية من واهب الصور فعلى هذا يكون السبب القريب للذة والألم ثبوتا وانتفاء هو المزاج لا التفرق وزاد ابن سينا للألم سببا آخر فقال السبب القريب للألم أمران أحدهما هو تفرق الاتصال على ما ذكره جالينوس وثانيهما هو سوء المزاج وهو على قسمين متفق ومختلف فالمتفق مزاج غير طبيعي يرد على العضو ويزيل مزاجه الطبيعي ويتمكن فيه بحث يصير كأنه المزاج الطبيعي والمختلف مزاج غير طبيعي يرد عليه ولا يبطل مزاحه الطبيعي بل يخرجه عن الاعتدال والمؤلم من هذين سوء المزاج المختلف ولذلك أي ولأن سوء المزاج المختلف سبب للألم تؤلم لسعة
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»