فالنزاع فيما وراء العالم إنما هو في التسمية بالبعد فإنه عند الحكماء عدم محض ونفي صرف يثبته الوهم ويقدره من عند نفسه ولا عبرة بتقديره الذي لا يطابق نفس الأمر فحقه أن لا يسمى بعدا ولا خلاء أيضا وعند المتكلمين هو بعد موهوم كالمفروض فيما بين الأجسام على رأيهم لهم في إثبات جواز الخلاء بمعنى المكان الخالي عن الشاغل وجهان الأول أنه لا يمتنع وجود صفحة ملساء وإلا لزم إما عدم اتصال الأجزاء أو ذهاب الزوايا إلى غير النهاية بيان ذلك أن الصفحة الملساء هي ما تكون أجزاؤها المفروضة متساوية في الوضع ومتصلة بحيث لا يكون بين تلك الأجزاء فرج سواء كانت نافذة وتسمى مسام أو غير نافذة وتسمى زوايا فإذا فرضنا صفحة يتساوى وضع أجزائها فإن كانت ملساء فذاك وإلا فعدم ملاستها إما لعدم الاتصال بين الأجزاء في الحقيقة فهو باطل فإن صفحة الجسم وإن جاز أن يكون فيها مسام نافذة إلا أنه لا بد أن يكون بين كل منفذين أو بين منفذين فقط من نافذها سطح متصل هو كاف لما نحن بصدده وإلا كانت الصفحة عبارة عن أجزاء متفرقة متفاصلة في الحقيقة وأنه باطل بالبديهة وأما لوجود الزوايا بين أجزائها فنضع فيها أجزاء أخرى فإن انتفت الزوايا حصل المطلوب وإلا صارت أصغر مما كانت فنضع فيها أجزاء أخرى فإما أن تنتفي أو تذهب الزوايا في الانقسام بالفعل إلى غير النهاية والثاني باطل فتعين الأول وصارت الصفحة ملساء قال الإمام الرازي في الأربعين عدم الاستواء في السطح إما سبب اختلاف أجزائه في الارتفاع والانخفاض أو بسبب حصول المسام فيه أما الأول فلا بد أن يكون بسبب سطوح صغار يتصل بعضها ببعض لا على الاستقامة بل على الزاوية ولا بد من الانتهاء إلى سطوح صغار مستوية وإلا
(٥٦٦)