المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٥٧٠
ليملأ مكانه فلا يلزم الخلاء ولا تصادم الأجسام ولا يتم هذا الإلزام على الحكماء إلا بإبطال التخلخل والتكاثف وإلا جاز أن يتخلخل ما خلفه أي يزيد مقدار ما خلف المتحرك من الأجسام فيملأ مكانه بمقداره الزائد من غير أن ينتقل ما خلفه عن مكانه ويتكاثف ما قدامه أي ينتقص مقدار ما قدامه من الأجسام فيخلي له مكانا من غير أن ينتقل عن مكانه وبهذا القدر يندفع الإلزام إلا أنه زاد في البيان فقال إلى غاية ما يطيع ما خلفه أو ما قدامه لذلك التخلخل أو التكاثف بحسب قوة الحركة وضعفها وتصويره أن المتحرك في الهواء يدفع الهواء الذي قدامه ويدفع ذلك الهواء هواء آخر وهكذا لكن هذا الدفع يتفاوت ويضعف إلى أن ينتهي إلى هواء لا ينقاد للدفع لضعف الدافع فهذا الدافع المتوسط بين ما دفعه وبين ما لم يندفع به يضطر إلى قبول حجم أصغر مما كان وهكذا ما خلق هذا المتحرك من الهواء ينجذب إليه ما يقرب منه ويتجذب إلى هذا المنجذب ما يليه وهكذا ويضعف الانجذاب حتى ينتهي إلى ما لا ينجذب فيضطر المتوسط إلى قبول حجم أكبر ولا شك أن الدفع والانجذاب المذكورين يتفاوتان بحسب قوة الحركة وضعفها فإذا كانت الحركة قوية امتد في مسافة كثيرة وإن كانت ضعيفة كانا في مسافة قليلة فإن قيل التخلخل والتكاثف في الأجسام إنما يكونان لكثرة الخلاء وقلته فيما بين أجزاء الجسم فيكون مقداره مع كثرة الخلاء فيما بينهما كبيرا ومع قلته صغيرا فهما يستلزمان وقوع الخلاء الذي هو المطلوب قلنا ممنوع كونهما لما ذكرتم بل هما لأن الهيولى أمر قابل للمقدار الصغير والكبير إذ لا مقدار لها في حد نفسها ونسبتها إلى المقادير
(٥٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 565 566 567 568 569 570 571 572 573 574 575 ... » »»