مكانه وهو السطح الحاوي به وهذا أشد استحالة من المذكورين قبله وقد يجاب بأنه وإن انتقص حجمه لكن أزداد سطحه الظاهر المماس لمكانه قالوا وإذا قلنا إن المكان هو البعد لم يلزم شيء من هذه المحذورات الثلاثة واعلم أن الموجود في نسخة الأصل وكثير من النسخ هكذا الرابع الجسم إذا حفرنا إلى آخره فقد جعل هذا وجها رابعا من الوجوه الدالة على استحالة كون المكان هو السطح والصواب أنه من تتمة الوجه الثالث كما قررناه ومما يؤيد هذا المذهب وهو كون المكان هو البعد أنا نعلم بالضرورة أن المكان الذي خرج عنه الحجر المسكن في الهواء فملأه الهواء لم يبطل والسطح الذي كان محيطا بذلك الحجر قد بطل بالكلية فدل على أن المكان هو البعد الذي لم يبطل دون السطح الذي بطل وكذا يؤيده أن المكان مقصد المتحرك بالحصول فيه وقد صرح ابن سينا في إثبات الجهة بأنه أي المقصد المتحرك بالحصول فيه موجود حال الحركة ليتصور كونه مقصدا بالحصول فيه فالمكان الذي يقصده الثقيل المطلق وهو الذي يقتضي أن ينطبق مركزه على مركز الأرض كالحجر مثلا موجود حال ما يفرض الحجر متحركا طالبا للحصول فيه ولا سطح هناك موجود يحيط بهذا الثقيل وكذا ما يقصده الخفيف المطلق وهو الذي يقتضي أن ينطبق محيطه ويلتصق بمحيط المحدد الذي تنتهي إليه حركات العناصر أعني مقعر فلك القمر كقطعة من النار مثلا يجب أن يكون موجودا حال ما يفرض هذا الخفيف متحركا إليه طالبا للحصول فيه ولا سطح هناك موجود يحيط بهذا الخفيف فدل على أن المكان هو البعد الموجود دون السطح المعدوم في حال حركتي الثقيل والخفيف وأيضا فمن المعلوم أن المتمكن مالىء لمكانه منطبق عليه ولا يتصور ذلك أي كونه مالئا له إلا بأن يكون في كل جزء من المكان جزء من المتمكن بل وأن يكون كل جزء من المتمكن أيضا في جزء من
(٥٦٣)