المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٥٥٥
تقديره أيضا كون شخص واحد من الانسان شخصين بل أشخاصا متعددة فيرتفع الوثوق عن أمثال هذه البديهيات وأنه سفسطة ظاهرة وأيضا فإنه يلزم على تقدير تداخل البعدين واجتماع المثلين فإن ذينك البعدين متماثلان قد اجتماع في مادة واحدة وقد أبطلناه فيما سبق والجواب عن الوجه الأول أنا نختار أن البعد الذي هو المكان لا يقبل الحركة الأينية قوله فلا يقبلها الجسم أيضا لما فيه من البعد قلنا هذا اللزوم ممنوع إذ البعد الذي في الجسم قائم بالمادة حال فيها والبعد الذي هو الجسم أعني المكان قائم بنفسه غير حال في المادة وأنهما مختلفان بالحقيقة فلا يلزم حينئذ من عدم قبول أحدهما الحركة عدم قبول الآخر إياها إنما يلزم ذلك على تقدير التماثل في الحقيقة وما يقال في إبطال كون المكان بعدا قائما بنفسه من أن البعد قد اقتضى من حيث هو هو أعني لذاته القيام بالمحل والحاجة إليه وإلا لاستغنى في حد ذاته عنه أي عن المحل والقيام به إذ لا واسطة بين الحاجة وعدمها الذي هو الاستغناء فلا يحل البعد فيه أي في المحل أصلا لأن ما لا حاجة له في تقوم ذاته إلى شيء لا يتصور حلوله فيه لكن البعد قد حل في المحل كما في الأجسام فلا يكون من حيث هو هو مستغنيا عن المحل بل محتاجا إليه لذاته ومقتضيا للقيام به وإنه يقتضي أن يكون كل بعد كذلك أي حالا في المحل قائما به لأن مقتضى ذات الشيء لا يتخلف عنه فلا يمكن حينئذ أن يكون بعدا قائما بنفسه حتى يكون المكان عبارة عنه وقوله بناء خبر للمبتدأ الذي هو قوله وما يقال يعني أن هذا الاستدلال على إبطال كون المكان بعدا موجودا مبني كالوجه الأول على تماثل الأبعاد المادية والمجردة وقد عرفت أنه ممنوع والجواب عن الوجه الثاني أنا لا نسلم اجتماع البعدين في جسم على تقدير نفوذ بعد الجسم في البعد الذي هو المكان بل نقول بعد هو في الجسم يلازمه وهو حال في مادته وبعد فيه الجسم يفارقه وليس حالا في
(٥٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 550 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 ... » »»