كتاب العارية العارية أمانة غير مضمونة في الحيوان كله من الرقيق والدواب وكذلك الدور وكل شيء ظاهر لا يغاب عليه لا يضمن شيء من ذلك كله الا ما تضمن به الأمانات من التعدي والتضيع والخلاف لما استعير له إلى ما هو أضر عليه وأما الحلي والثياب والآنيه والسلاح والمتاع كله الذي يخفى هلاكه فإنه لا يقبل قول المستعير فيما يدعيه من ذهابه وهو ضامن له الا ان تقوم له بينة على هلاكه من غير تفريط ولا تضيع ولا تعد وكذلك الدنانير والدراهم والفلوس والطعام الا انه هنا يرد مثل ملكية الشيء أو وزنه في عينه وصفته ويضمن ما تقدم ذكره مما يغاب عليه من العروض كلها بقيمته هذا كله تحصيل مذهب مالك في العواري وقد روي عن مالك ان المستعير لما يغاب عليه يضمنه متى تلف عنده سواء قامت بينة على هلاكه أو لم تقم ومن شرط ضمان ما لا يغاب عليه من الحيوان وشبهه بالعارية أو طرح ضمان ما يغاب عليه منها فالشرط باطل وهو تحصيل المذهب وقد قيل إن شرطه ينفعه إذا كان لذلك وجه مثل الخوف على الدابة في السيل المخوفة ونحو ذلك من تلف من جميع العارية التي يغاب عليها أو يضمنها مستعيرها فالقول قول المستعير في صفتها مع يمينه ان لم تكن لربها بينة على ما يدعيه من صفتها ومن استعار دابة فحمل عليها رديفا فعطبت الدابة فربها مخير في اخذ كراء مثل ركوب الرديف ولا شيء له غير ذلك وبين ان يأخذ بقيمة الدابة حين تعدى عليها ولا شيء له من الكراء في ركوبه ولا في ركوب الرديف ومن استعار دابة فاختلف هو وربها في الموضع الذي استعارها اليه وقد عطبت الدابة فالقول قول المستعير إذا جاء بما يشبه مع يمينه ومن استعار دابة ليركبها ميلا فركبها أميالا أو ليركبها يوما فركبها أياما أو أكثر مما استعارها ثم ردها على ما اخذها عليه أو أفضل في بدنها وحالها فليس لربها الا الكراء فيما زاد من المسير عليها ولا يكون له فيها خيار الا ان تعطب فيكون له الخيار بين ان يأخذ من المستعير كراء مثلها فيما تعدى يوم تعدى ولا قيمة له وبين أن يأخذ منه قيمتها ساعة تعدى عليها ولا كراء له فيها
(٤٠٧)