الكافي - ابن عبد البر - الصفحة ٤٠٤
فلا ضمان عليه وليس هذا خلطا ومن أودع قمحا فخلطه بمثله في عينه وصفته فلا ضمان عليه وكذلك جميع الحب إذا خلط بمثله ولو كان قمحا فخلطه بشعيرا وكذلك لو خلطه بشيء من الحب بخلافه في عينه وصفته ضمنه ولا يشبه هذا الدنانير والدراهم ولو عدا رجل أو صبي على قمح وشعير مودعين لرجلين عند رجل فخلطهما كان على الذي خلطهما ضمان مكيلة القمح ومكيلة الشعير لربه والصبي والرجل في ذلك سواء وإن كان عمد الصبي خطأ فالأموال تضمن بالخطأ كما تضمن بالعمد وليست كالدماء فإن لم يكن للصبي مال اتبع رب القمح والشعير ذمته الا ان يرضيا أن يكونا شريكين في كل ما خلط من طعامهما فصاحب القمح بقيمة مكيلة قمحه وصاحب الشعير بقيمة مكيلة شعيره ثم يباع جميعه فيقتسمان ثمنه على الحصص فذلك لهما ولا يجوز أن يأخذه أحدهما ويضمن لصاحبه مكيلة طعامه وإنما يجوز ذلك للمعتدي وحده هذا مذهب مالك وأصحابه في ذلك ومن تعدى في وديعة عنده فاستهلكها ثم ردها مكانها فإن كانت دنانير أو دراهم أو طعاما أو نحو ذلك يكون مما يكال أو يوزن وضاعت فلا شيء عليه وكذلك أن اخذ البعض وأبقى البعض وتلف فلا ضمان عليه لا فيما رد ولا فيما بقي ولو كانت الوديعة ثيابا أو سائر العروض فتعدى فيها ثم رد مثلها سواء في موضعها وتلفت فهو ضامن من ساعة تعدى وروى ابن وهب عن مالك وقال به جماعة من أصحابه أنه ضامن لما أخذ من الوديعة فقط وفي هذه الرواية الدنانير والدراهم وغيرهما سواء إذا تلفت بعد ردها والأمين مصدق فيما يدعيه من تلف الوديعة والقول قوله ابدا وإن لم يأت بما يستدل عليه وإن اتهم حلف وإن تعدى أو ضيع فهو ضامن ومن التعدي أن يودع دابة فيركب أو جارية فيزوجها أو عبدا فيوجهه في سفر ثم يتلف شيء من ذلك بسبب فعله فهو ضامن لما ادركه في ذلك من تلف أو نقص وما انفق المودع على الوديعة فعلى ربها سواء اذن له أو لم يأذن له إذا احتاجت إلى ذلك ولا يجب لأحد أن يتعدى في وديعة عنده فيتلفها إلا أن يكون له مال مأمون يرجع اليه ان تلفت الوديعة بتعديه وترك التعدي في الوديعة أفضل وينبغي أن يشهد بها إذا استسلفها وإن تجر في وديعة عنده وربح فهو لها ضامن حتى يردها إلى موضع حرزها والربح له دون رب
(٤٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»