الدرر - ابن عبد البر - الصفحة ٢٤٥
قتادة وهو ابن عمي وأحب الناس إلي فسلمت عليه فوالله ما زاد علي السلام فقلت يا أبا قتادة نشدتك الله هل تعلم أني أحب الله ورسوله فسكت فناشدته ثانية فقال الله ورسوله أعلم ففاضت عيناي فعدت فوثبت فتسورت الجدار وخرجت ثم غدوت إلى السوق فإذا رجل يسأل عني من نبط الشام القادمين بالطعام إلى المدينة يقول من يدل على كعب بن مالك فجعل الناس يشيرون له إلي فجاءني فدفع إلي كتابا من ملك غسان فإذا فيه أما بعد فقد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان فالحق بنا نواسك فقلت حين قرأته وهذا من البلاء أيضا أن يطمع في رجل من أهل الشرك فعمدت إلى تنور فسجرت فيه الكتاب وأقمت حالي حتى إذا مضت أربعون ليلة إذا رسول رسول الله أتاني فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك فقلت أطلقها أم ماذا قال لا بل اعتزلها ولا تقربها وأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك فقلت لامرأتي الحقي بأهلك فكوني فيهم حتى يقضي الله في هذا الأمر ما هو قاض وجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ كبير ضائع لا خادم له أفتكره أن أخدمه قال لا ولكن لا يقربنك قالت والله يا رسول الله ما به من حركة إلي وما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومي هذا حتى تخوفت على بصره وقال لي بعض أهلي لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في خدمة امرأتك فقد أذن لهلال بن أمية فقلت والله لا أفعل إني لا أدري ما يقول لي وأنا رجل شاب قال فلبثنا في ذلك عشر ليال فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن الكلام معنا فلما صليت الصبح صبح خمسين ليلة وأنا قد ضاقت
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»