الدرر - ابن عبد البر - الصفحة ٢٤٦
علي الأرض بما رحبت وضاقت علي نفسي فأنا كذلك إذ سمعت صوت صارخ قد وافى على ظهر سلع ينادي بأعلى صوته يا كعب بن مالك أبشر فخررت لله ساجدا وعلمت أن قد جاء الفرج وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى الفجر فذهب الناس يبشروننا وركض رجل إلي فرسا وسعى ساع من أسلم حتى وافى على الجبل وكان الصوت أسرع من الفرس فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت ثوبي فكسوتهما إياه والله ما أملك يومئذ غيرهما واستعرت ثوبين فلبستهما ثم انطلقت أتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلقاني الناس يبشرونني بالتوبة ويقولون لتهنك توبة الله عليك حتى دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس فقام إلي طلحة بن عبيد الله فحياني وهنأني ووالله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره قال فكان كعب لا ينساها لطلحة قال فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي ووجهه يبرق من السرور أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك قلت أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله قال لا بل من عند الله قال وكان رسول الله إذا استبشر كأن وجهه قطعة قمر فلما جلست بين يديه قلت يا رسول الله إن من توبتي إلى الله أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك قلت إني ممسك سهمي الذي بخيبر وقلت يا رسول الله إن الله قد أنجاني بالصدق وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت وكان ما نزل في شأني من القرآن قوله تعالى جل ذكره * (وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت) * إلى قوله * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) *
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»