الدرر - ابن عبد البر - الصفحة ١٩٣
ثم جرت الرسل والسفراء بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش وطال التراجع والتنازع إلى أن جاءه سهيل بن عمرو العامري فقاضاه على أن ينصرف عليه السلام عامه ذلك فإذا كان من قابل أتى معتمرا ودخل هو وأصحابه مكة بلا سلاح حاشا السيوف في قربها فيقيم بها ثلاثا ويخرج وعلى أن يكون بينه وبينهم صلح عشرة أعوام يتداخل فيها الناس ويأمن بعضهم بعضا على أن من جاء من الكفار إلى المسلمين مسلما من رجل أو امرأة رد إلى الكفار ومن جاء من المسلمين إلى الكفار مرتدا لم يردوه إلى المسلمين فعظم ذلك على المسلمين حتى كان لبعضهم فيه كلام وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بما علمه الله من أنه سيجعل للمسلمين فرجا فقال لأصحابه اصبروا فإن الله يجعل هذا الصلح سببا إلى ظهور دينه فأنس الناس إلى قوله بعد نفار منهم وأبي سهيل بن عمرو أن يكتب في صدر صحيفة الصلح من محمد رسول الله وقال له لو صدقناك بذلك ما دفعناك عما تريد ولا بد أن يكتب باسمك اللهم فقال لعلي وكان كاتب صحيفة الصلح امح يا علي واكتب باسمك اللهم وأبى علي أن يمحو بيده رسول الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اعرضه علي فأشار إليه فمحاه صلى الله عليه وسلم بيده وأمره أن يكتب من محمد بن عبد الله وأتى أبو جندل بن سهيل يومئذ بأثر كتاب الصلح وهو يرسف في قيوده فرده صلى الله عليه وسلم على أبيه فعظم ذلك على المسلمين فأخبرهم صلى الله عليه وسلم وأخبر أبا جندل أن الله سيجعل له فرجا ومخرجا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث عثمان بن عفان إلى مكة رسولا فجاء خبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أهل مكة قتلوه فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»