وعظم عند ذلك البلاء واشتد الخوف وأتى المسلمين عدوهم من فوقهم ومن أسفل منهم حتى ظنوا بالله الظنون وأظهر المنافقون كثيرا مما كانوا يسرون فمنهم من قال إن بيوتنا عورة فلننصرف إليها فإنا نخاف عليها ومن قال ذلك أوس بن قيظي إلا أنه مع ذلك ولد ولدا سيدا فاضلا وهو عرابة بن أوس الذي قال فيه الشاعر * إذا ما راية رفعت لمجد * تلقاها عرابة باليمين * وقد قيل إن له صحبة بالنبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من قال يعدنا محمد أن نفتح كنز كسرى وقيصر وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط وممن قال ذلك معتب بن قشير أحد بني عمرو بن عوف وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام المشركون بضعا وعشرين ليلة قريبا من شهر لم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبل والحصا فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه اشتد على المسلمين البلاء بعث إلى عيينة بن حصن الفزاري وإلى الحارث بن عوف بن أبي حارثة المري وهما قائدا غطفان فأعطاهما ثلث ثمار المدينة لينصرفا بمن معهما من غطفان وأهل نجد ويرجعا بقومهما عنهم وكانت هذه المقالة مراوضة ولم تكن عقدا فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهما قد أنابا ورضيا أتى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فذكر ذلك لهما واستشارهما فقالا يا رسول الله هذا أمر تحبه فنصنعه لك أو شيء أمرك الله به فنسمع
(١٧٣)