الدرر - ابن عبد البر - الصفحة ١٧٦
رجل واحد من غطفان فلو خرجت فخذلت عنا كان أحب إلينا من بقائك فأخرج فإن الحرب خدعة فخرج نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة وكان ينادمهم في الجاهلية فقال يا بني قريظة قد عرفتم ودي إياكم وخاصة ما بيني وبينكم قالوا قل فلست عندنا بمتهم فقال لهم إن قريشا وغطفان ليسوا كأنتم البلد بلدكم وفيه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم وإن قريشا وغطفان قد جاءوا لحرب محمد وأصحابه وقد ظاهرتموهم عليه فإن رأوا نهزة أصابوا وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل ولا طاقة لكم به فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهنا ثم خرج حتى أتى قريشا فقال لهم قد عرفتم ودي بكم معشر قريش وفراقي محمدا وقد بلغني أمر أرى من الحق أن أبلغكموه نصحا لكم فاكتموا علي قالوا نفعل قال أتعلمون أن معشر يهود قد ندموا على ما كان من خلافهم محمدا وأرسلوا إليه إنا قد ندمنا على ما فعلنا فهل يرضيك أن نأخذ من قريش وغطفان رهنا رجالا ونسلمهم إليكم لتضربوا أعناقهم ثم نكون معك على من بقي منهم حتى تستأصلهم ثم أتى غطفان فقال مثل ذلك فلما كانت ليلة السبت وكان ذلك من صنع الله عز وجل لرسوله وللمؤمنين أرسل أبو سفيان إلى بني قريظة عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان يقول لهم إنا لسنا بدار مقام قد هلك الخف والحافر فاغدوا صبيحة غد للقتال حتى نفاجىء محمدا فأرسلوا إليهم إن اليوم السبت وقد علمتم ما نال منا من تعدي في السبت ومع ذلك فلا نقاتل معكم أحدا حتى تعطونا رهنا فلما رجع الرسول بذاك قالوا صدقنا والله نعيم بن مسعود فردوا إليهم الرسل وقالوا والله لا نعطيكم رهنا أبدا فأخرجوا معنا إن شئتم وإلا فلا عهد بيننا وبينكم فقال بنو قريظة صدق والله نعيم بن مسعود وخذل بينهم واختلفت كلمتهم وبعث الله عليهم ريحا عاصفا في ليال
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»