التمهيد - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ١٨٢
وكره الثوري جلود الثعالب والهر وسائر السباع ولم ير بأسا بجلود الحمير قال أبو عمر هذا في الذكاة دون الدباغ وأما الدباغ فهو عنده مطهر لجلود الثعالب وغيثرها وقالت طائفة من أهل العلم لا يجوز الانتفاع بجلود السباع لا قبل الدباغ ولا بعده مذبوحة كانت أو ميتة وممن قال هذا القول الأوزاعي وابن المبارك وإسحق وأبو ثور ويزيد بن هارون واحتجوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أباح الانتفاع بجلد الميتة المدبوغ إذا كان مما يؤكل (لحمه) لأن الخطاب الوارد في ذلك إنما خرج على شاة ماتت لبعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فدخل في ذلك كل ما يؤكل لحمه وما لم يؤكل لحمه فداخل في عموم تحريم الميتة واستدلوا بقول أكثر العلماء في المنع من جلد الميتة بعد الدباغ لأن الذكاة غير عاملة فيه قالوا فكذلك السباع لا تعمل فيها الذكاة لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكلها ولا يعمل فيها الدباغ لأنها ميتة لم يصح خصوص شيء منها وزعموا أن قول من أجاز الانتفاع بجلد الخنزير بعد الدباغ شذوذ لا يعرج عليه وحكى إسحق بن منصور الكوسج عن النضر بن شميل أنه قال في قول النبي صلى الله عليه وسلم أيما إهاب دبغ فقد طهر إنما يقال الإهاب لجلود الإبل والبقر والغنم
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»