أعضاء الوضوء لأنه لا يمكن أن يجمع بين عمرو وزيد معا في عطية واحدة وذلك غير متمكن في أعضاء الوضوء إلا على الرتبة فالواجب أن لا يقدم بعضها على بعض لأن رسول الله لم يفعل ذلك منذ افتراض الله عليه الوضوء إلى أن توفي صلى الله عليه وسلم ولو كان ذلك جائزا لفعله صلى الله عليه وسلم ولو مرة واحدة لأنه كان خير في (1) أمرين أخذ أيسرهما فلما لم يفعل ذلك علمنا أن الرتبة في الوضوء كالركوع والسجود ولا يجوز أن يقدم السجود على الركوع بإجماع واحتجوا أيضا بأن الواو في آية الوضوء في الأعضاء كلها معطوفة على الفاء في قوله * (فاغسلوا وجوهكم) * الآية قالوا وما كان معطوفا على الفاء فحكمه حكم الفاء بواو كان معطوفا أو بغير واو لأن أصله العطف على الفاء وحكمها إيجاب الرتبة والعجلة قالوا وحروف العطف كلها قد أجمعوا أنها توجب الرتبة إلا الواو فإنهم قد اختلفوا فيها فالواجب أن يكون حكمها حكم أخواتها من حروف العطف في إيجاب الترتيب وأما قول الله عز وجل * (يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي) * فجائز أن يكون عبادتها في شريعتها الركوع بعد السجود فإن صح أن ذلك ليس كذلك فالوجه فيه أن الله عز وجل أمرها أولا بالقنوت وهو الطاعة ثم السجود وهي الصلاة بعينها كما قال وإدبار السجود أي إدبار الصلوات (ب) وأركعي مع الراكعين أي اشكري مع الشاكرين ومنه قول الله تعالى * (وخر راكعا) * أي سجد شكرا لله وكذلك قال ابن عباس وغيره هي سجدة شكر واحتجوا أيضا بقول الله عز وجل * (اركعوا واسجدوا) * مع إجماع المسلمين أنه لا يجوز لأحد أن يسجد قبل أن يركع قالوا فهذه الواو قد أوجبت الرتبة في هذا الموضع من غير خلاف واحتجوا أيضا بقول الله عز وجل * (إن الصفا والمروة من شعائر الله) * مع قول رسول الله
(٨٥)