زيد على عمرو فكذلك قول الله عز وجل * (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) * إنما يوجب ذلك الجمع بين الأعضاء المذكورة في الغسل ولا يوجب النسق وقد قال الله عز وجل * (وأتموا الحج والعمرة لله) * فبدأ بالحج قبل العمرة وجائز عند الجميع أن يعتمر الرجل قبل أن يحج وكذلك قوله * (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) * جائز لمن وجب عليه اخراج زكاة ماله في حين وقت صلاة أن يبدأ باخراج الزكاة ثم يصلي الصلاة في وقتها عند الجميع وكذلك قوله * (فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) * لا يختلف العلماء أنه جائز لمن وجب عليه في قتل الخطأ أخراج الدية وتحرير الرقبة ويسلمها قبل أن يحرر الرقبة وهذا كله منسوق بالواو ومثله كثير في القرآن فدل على أن الواو لا توجب رتبة وقد روى عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود أنهما قالا ما أبالي بأي أعضائي بدأت في الوضوء إذا أتممت وضوئي وهم أهل اللسان فلم يبق لهم من الآية إلا معنى الجمع لا معنى الترتيب وقد أجمعوا أن غسل الأعضاء كلها مأمور في غسل الجنابة ولا ترتيب في ذلك عند الجميع فكذلك غسل أعضاء الوضوء لأن المعنى في ذلك الغسل لا التبدية وقد قال الله عز وجل * (يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين) * ومعلوم أن السجود بعد الركوع وإنما أراد الجمع لا الرتبة هذا جملة ما احتج به من احتج للقائلين بما ذكرنا وأما الذين ذهبوا إلى ابطال وضوء من لم يأت بالوضوء على ترتيب الآية وإبطال صلاته إن صلى بذلك الوضوء المنكوس منهم الشافعي وسائر أصحابه والقائلين بقوله إلا المزني ومنهم أحمد بن حنبل وأبو عبيد
(٨١)