التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٨٧
ركعات الصلوات فخطأ لأن الصلوات فرضها مجمل لا سبيل إلى الوصول لمراد الله منها إلا بالبيان فصار البيان فيها فرضا بإجماع وليس آية الوضوء كذلك لنا لو تركنا وظاهرها كان الظاهر يغنينا عن غيره لأنها محكمة مستغنية عن بيان فلم يكن فعله فيها صلى الله عليه وسلم إلا على الاستحباب وعلى الأفضل كما كان يبدأ بيمينه قبل يساره وكان يحب التيامن في أمره كله وليس ذلك بفرض عند الجميع وأما ما احتجوا به من قول الله عز وجل * (إن الصفا والمروة من شعائر الله) * مع قول رسول الله نبدأ بم بدأ الله به فلا حجة فيه لأنا كذلك نقول نبدأ بما بدأ الله به هذا الذي هو أولى ولسنا نختلف في ذلك وإنما الخلاف بيننا وبينهم فيمن لم يبدأ بما بدأ الله به هل يفسد عمله في ذلك أم لا وقد أريناهم أنه لا يفسد بالدلائل التي ذكرنا على أن قوله صلى الله عليه وسلم نبدأ بما بدأ الله به (1) ظاهره أنه سنة والله أعلم لأن فعله ليس بفرض إلا أن يصحبه دليل يدخله في حيز الفروض ولو كان فرضا لقال ابدأوا بما بدأ الله يأمرهم (ب) بذلك ولفظ الأمر في هذا الحديث لا يؤخذ من رواية من يحتج به وهذا الادخال والاحتجاج على غير مذهب أصحابنا المالكيين لأنهم يذهبون إلى أن أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الوجوب أبدا حتى يقوم الدليل على أنها أريد بها الندب وهذه المسألة خارجة على مذهبهم عن أصلهم هذا وقد ينفصل من هذا بما يطول ذكره وقد يحتمل أن يحتج بقوله صلى الله عليه وسلم نبدأ بما بدأ الله به على أن الواو لا توجب الترتيب لأنها لو كانت توجب الترتيب لم يحتج رسول الله أن يقول لهم نبدأ بما بدأ الله به لأنهم أهل اللسان الذي نزل القرآن به فلو كان مفهوما في فحوى الخطاب أن الواو توجب القبل والبعد ما احتاج
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»